البحث المتقدم

البحث المتقدم

عطلة عيد الغدير

0 تقييم المقال

 

 

كانت العطل الرسمية وما تزال مظهرًا من مظاهر الابتهاج والفرح بالمناسبات الدينية والوطنية، ولها وقع نفسي واجتماعي، وتعدّ العطل إحدى الطرق لإبراز وتعظيم المناسبات الدينية والتاريخية والوطنية، وأقرت البشرية عبر التاريخ العديد من العطل احتفالاً بأعيادها ومناسباتها، وبلا شكّ فقد تباينت تلك الأيام من بلد إلى آخر، فكل بلد يعكس هويته وانتمائه بتلك المناسبات، لذا في عصرنا الحالي اهتمت العديد من الدول أن تخلد نضالاتها التاريخية وأعيادها في عطل رسمية كنوع من أنواع حفظ التراث وإبراز الهوية لشعوبها وتوجهاتهم ونضالهم.

واليوم بعد أنّ أقر البرلمان العراقي قانون العطل الرسمية خرج البعض معترضًا على القانون، كونه تضمّن التعطيل في (يوم الغدير) الذي يتفق المسلمون في وقوعه ويختلفون في مضمونه، وعلى الرغم من تقسيم العطل بين المكونات إلا أنّ ذلك لم يكن مانعًا من إصرار البعض على كون تضمين هذا اليوم يعدّ استفزازًا لأبناء المكون السني، في حين تمّ إعطاء عطلة في يوم ميلاد النبيّ وفقًا للرأي السني وأيضا التعطيل في يوم مجزرة (حلبجة) الكردية، وكذلك التعطيل في   عيدي الفطر والأضحى وفقًا لرأي الوقفين الشيعي والسني، فالقانون الذي ضمن التعطيل لأبناء المكونات الأخرى والتي لا تشكل أغلبية لا يعد طائفيًا إلا حين يضمن يومًا يقر به المسلمون بصورة عامة والشيعة بصورة خاصة.

 وعدم إدراج مناسبات الشيعة في العقود الماضية وتحسس السلطات المتعاقبة منها لا يعني أن يبقوا مسلوبي الحق بحجّة أثارة نعرات طائفية، فمثلما يُهنئ البعض المكونات الأخرى من المسيحيين والصابئة والأيزيدية بأعيادهم، كذلك لا بدّ أن ينظروا إلى أعياد الشيعة بنفس تلك المقبولية، فقراءتهم للتاريخ وإيمانهم بحقائق معينة لا يعني فرضها على الآخرين أو تغيير الوقائع التي يؤمن بها الآخرون، فمفهوم التعايش يعني تقبّل الآخر بما يؤمن ولا يعني التنازل من أجل إرضاء الآخرين.

واليوم لا بدّ أن يدرك البعض بأنّ هنالك مكون هو ذو أغلبية في هذا الوطن قد حُرم من كافة حقوقه لقرون من الزمن ولا بدّ له في يوم من الأيام أن يتمتّع بحقوقه المشروعة بما ينسجم مع الديمقراطية، وهذا الأمر معمول به في مختلف دول العالم، فتشريع قوانين العطل ينسجم مع أغلبية المواطنين، وعندما نمر على الدولة الأوربية كألمانيا مثلاً نجدها تعطل في أيام (رأس السنة الميلادية، ويوم الملوك الثلاثة المقدسين، وجمعة الآلام، واثنين الفصح، وصعود يسوع، واثنين العنصرة، وخميس الجسد، وصعود العذراء، وعيد القديسين، وعطلة عيد الميلاد) والتي تتوافق مع الغالبية المسيحية لسكان الدولة، والأمر ذاته بالنسبة للدول العربية فقد توافقت عطلها الرسمية مع التقويم السني على الرغم من وجود مكونات أخرى تختلف معها في تحديد تلك الأيام، لذا ليس من الأنصاف أن يتحسس البعض من الشيعة كونهم جعلوا أعظم عيد لهم عطلة رسمية، فلا بدّ لباقي المكونات أن تتقبّل هذا المكوّن وتجعل له فسحة من الحرية للتعبير عن مشاعره وأفراحه ضمن حقوقه الدستورية والقانونية.

 

 

 

نعم
هل اعجبك المقال