البحث المتقدم

البحث المتقدم

الجهاديون بين زيف الولاء وحقيقة العمالة لإسرائيل

0 تقييم المقال

 

 

"فَمِنْهُمْ مَنْ يُشِيرُ بِالْإِسْلَامِ نَحْوَ النَّاسِ بِلِسَانِهِ، وَيُخْفِي الشِّرْكَ فِي قَلْبِهِ، يُدَاهِنُ بِالإِسْلاَمِ، وَيَخْدَعُ بِالنِّفَاقِ" — نهج البلاغة، للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)

 

عندما نتأمل في قول الإمام علي (عليه السلام)، نجده يصف بدقة حال كثير من المتسترين برداء الإسلام، الذين يظهرون الولاء والغيرة على الإسلام في العلن، بينما تخفي قلوبهم أعمق درجات النفاق والكراهية للإسلام وأهله.

هؤلاء ليسوا سوى أدوات في أيدي أعداء الأمة، يتسترون بشعارات الدين لتحقيق مآربهم الدنيئة، ولعل هذا الوصف ينطبق تمامًا على التنظيمات التي كانت تُسَمَّى بـ(الجهادية) والتي عاثت في الأرض فسادًا بعد عام 2003م.

أين أولئك الذين كانوا يتشدقون بالجهاد في سبيل الله وهم يفجّرون شوارع بغداد، ويدمرون حياة الأبرياء...؟ أين ذهبت نيران غضبهم المزعومة التي كانت تستهدف كلّ من يخالفهم في الرأي والعقيدة؟ لماذا لم نرَ لهم أثرًا في التصدّي لعدو الإسلام الأكبر إسرائيل؟ أليس الأولى توجيه رصاصهم إلى من اغتصب أرض فلسطين؟!

   الحقيقة التي أصبحت جلية كالشمس هي أنّ هؤلاء الجهاديين، الذين ادّعوا الدفاع عن الدين وخلقوا الفتنة بين المسلمين وجعلوا الطائفية أساسًا لدينهم، لم يكن هدفهم سوى ضرب المسلمين أنفسهم، وشيعة أهل البيت (عليهم السلام) بشكل خاص، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل كراهية الشيعة جاءت نتيجة عقيدة دينية أم أن هناك أيدٍ خفية تحرّك هؤلاء لتحقيق أهداف معينة تخدم الكيان الصهيوني؟ لقد سقطت الأقنعة، وأصبحت اللعبة مكشوفة، حيث باتت تلك التنظيمات تعمل بشكل علني وميداني وإرشادي لصالح أعداء الأمة الإسلامية.

إنّ الوقائع والأحداث في سوريا وغيرها من الساحات تثبت بما لا يدع مجالاً للشكّ في أنّ تلك الجماعات الجهادية لم تكن إلا أذرعًا عسكرية تخدم مصالح إسرائيل، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

لقد وثّقت العديد من الجهات تورّط هذه التنظيمات في التنسيق مع الكيان الصهيوني، بل وحتى تلقّيهم الدعم المالي واللوجستي من دول كانت تدّعي الإسلام والجهاد.

 ومن المثير للسخرية أنّ هذه الجماعات التي كانت تروّج لنفسها كحماة الدين قد استباحت دماء المسلمين، في حين أنها لم تطلق رصاصة واحدة تجاه العدو الصهيوني الذي يحتل أولى القبلتين.

وفي حين أن هناك دولاً مثل العراق واليمن التي برزت كمثال حيّ على الصمود والمقاومة في وجه الهيمنة الإسرائيلية وحلفائها، نجد دولاً أخرى تتسابق في دعم الكيان الصهيوني بالمال والسلاح، وحتى الدخول في التحالفات العلنية معه، السعودية ومصر والإمارات والأردن.

الأردن على سبيل المثال، الدولة التي طالما كانت تُعرف بـ(متسول العرب)، أصبحت اليوم الكلب الوفي للكيان الصهيوني، مسخرةً إمكانياتها الدفاعية للتصدي لصواريخ المقاومة العراقية التي قرّرت منذ اللحظات الأولى من شهر أكتوبر الماضي دعم الشعبين الفلسطيني واللبناني.

وعندما نذكر دولة اليمن، فإننا نتذكر موقفها الشجاع والثابت في دعم القضايا العربية والإسلامية، فقد وقفت هذه الدولة بشجاعة تشبه موقف الإمام علي (عليه السلام) إلى جانب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كخير عون وسند للمسلمين الأحرار.

وفي المقابل، نجد أن جميع الجهاديين الذين نشطوا بعد عام 2003م، كانوا -بلا استثناء- مجرد أدوات بأيدي إسرائيل لتمزيق الأمة الإسلامية من الداخل، إذ استعملوا الدين كشعار وكذبة كبيرة لتبرير جرائمهم، لكن الحقائق والتاريخ كشفا أنهم لم يكونوا سوى خدمٍ لأعداء الإسلام الحقيقيين، أولئك الذين يسعون لتفتيت الوحدة الإسلامية وضرب أي مشروع مقاوم.

إنّ الجهاد الحقيقي ليس في قتل المسلمين وترويع الآمنين والمدنيين، بل في مواجهة العدو الذي اغتصب أرضنا واحتل مقدّساتنا، ولكن يا للأسف، هؤلاء المتشدقون بالدين استبدلوا سيوفهم بحملات إعلامية وشعارات زائفة تخدم أهداف إسرائيل.

وختامًا، أقولها بكل وضوح (لقد انكشف الغطاء وسقط القناع، وآن الأوان لأمتنا أن تعي حقيقة هذه التنظيمات التي تتاجر بالدين، وهي في حقيقتها خنجر مسموم في خاصرة الأمة الإسلامية).

نعم
هل اعجبك المقال