استغرب البعض من بيان لهيئة علماء المسلمين ينتقدون فيه تصويت البرلمان العراقي على عطلة عيد الغدير، واصفين هذا القرار بأنه يشق لحمة أبناء الشعب العراقي، ويثير الطائفية والفتن، وأن يوم (18) ذي الحجة جاء هذه السنة مع كم كبير من الجلبة والضوضاء والاحتفالات الغريبة المصاحبة للتعطيل، داعيين الناس لرفض هذا القرار وجعله يوما للعمل الوطني.
وقد اشتهرت هذه الهيأة بالعديد من البيانات الطائفية والاستفزازية، ويدرك الكثير من العراقيين تاريخ هذه الهيأة والحقد الذي تحمله على العملية السياسية، وكيف استثمرت دعم العديد من الدول الخارجية لإقامة المؤتمرات المحرضة على الطائفية وزعزعة السلم الأهلي.
والكلام عن هذه الهيأة ورجالاتها وتاريخها يكفي عن الخوض في الرد على بيانهم، فقد تأسست هذه الهيأة في يوم (14) من شهر نيسان لعام (2003) أي بعد أيام من سقوط الطاغية صدام، على يد (حارث الضاري) الذي يعد أحد المطلوبين للحكومة العراقية بتهمة الإرهاب، وتدعي الهيأة بأنها جامعة لكلمة المسلمين في العراق ولكن عند التدقيق في أعضائها ورجالاتها نجدهم من أهل السنة فقط، ومن التيارات السلفية والصوفية تحديدا، ولم تعترف هذه الهيأة بالحكومة الجديدة بعد عام (2003م)، وبقيت تلعب على وتر الطائفية الأمر الذي جعل الوقف السني يصدر أمرا بإغلاق مقرها، بعد أن حمّلها مسؤولية الجرائم التي ترتكبها القاعدة تجاه العلماء ورجال الدين والأبرياء.
وفي عام (2014م) دعمت هذه الهيأة داعش ووصفتهم بثوار العشائر، وباركت انتصاراتهم وسمّتها بالفتوحات، وأعطتهم نصائح وتوجيهات في الحكم والإدارة للمناطق التي سيطروا عليها، وكذلك أيدتهم بالدخول إلى بغداد وإسقاطها كونها تمثل حكومة المالكي الظالمة.
وفي تشرين من عام (2019م) خرج لنا زعيمها (حارث الضاري) وإلى جنبه العلم العراقي أبان حكم البعث، ليركب موجبة التظاهرات ويشحن الشباب من أهل الوسط والجنوب في عمل ثورة وإسقاط هذه العملية السياسية.
وعلى الرغم من الضجيج الذي حاولت أن تصنعه هذه الهيأة، إلا إنها لم تجد أذن صاغية لها، ولا منبر لتصدير أفكارها سوى قناة الرافدين- المشهورة بتوجهاتها الطائفية – وقناتهم على اليوتيوب، والكثير من محتواها المرئي على هذه المنصة لا يتجاوز سوى بضع مشاهدات فقط، إذ لم تعد خطاباتها الطائفية تجد مقبولية في الأوساط السنية، ولاسيما بعد أن كانت السبب في استيلاء داعش على اغلب مناطقهم.
وبهذا التاريخ المليء بالحقد والطائفية لا يمكن التعويل على مثل هذه الهيأة في تقبل قراءة الشيعة للتاريخ، وإعطائهم فسحة من الحرية للتعبير عن أعيادهم وأفراحهم، واليوم الشارع العراقي بات يدرك بان مثل هذه الخطابات الرعناء لا تغني ولا تسمن، بل ترجع البلد إلى الوراء، واليوم كل المسلمين أحرار في طرح قراءتهم في الخلافة والإمامة، ولا ينقص ذلك من عقيدة أحد بشيء، والإسلام لم يتعرض يوما لمسيحي أو يهودي يعيش في أرضه على الرغم من كفرهم بالإسلام كله، ناهيك عن عدم الإيمان بشيء معين، فقضية تقبل الآخر تعني أن نتعايش معه بغض النظر عن دينه وعقيدته.