البحث المتقدم

البحث المتقدم

عندما تُعطي القردة حقوقها... بينما تُهمل الإنسانية في غزة

0 تقييم المقال

في عالم يبدو فيه كل شيء مختلّاً، تتجه إسبانيا نحو اتخاذ خطوة غير مسبوقة، بإقرار مشروع قانون يُعطي القردة حقوقاً قانونية ويحمي كرامتها. يبدو أن الحكومات الأوروبية وجدت في القردة كائنات أكثر جدارة بالحماية من البشر، خاصة أولئك الذين يعانون من ويلات الحروب والقصف اليومي. بينما تُدمّر غزة منذ أكثر من عام تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، وتُباد أرواح العشرات الآلاف من الأبرياء، تسير إسبانيا في طريق الدفاع عن حقوق القردة وكأنها تسعى لإنصاف نوعٍ يملك من الذكاء ما لا تمتلكه بعض الأنظمة السياسية.

 

يُقدّم لنا مشروع القانون الإسباني صورة مثالية عن كيفية تعامل الدول المتقدمة مع قضايا حقوق الحيوان، بينما تغضّ الطرف عن مأساة إنسانية تتجلى في غزة. فبينما يتصاعد عدد الشهداء هناك، يبدو أن صرخات الأطفال الجرحى لا تصل إلى آذان صناع القرار في الدول الغربية. كل ما يسمعونه هو صوت الدفاع عن "حق إسرائيل في حماية نفسها"، وكأن الكاميرات لا تُظهر مشاهد القصف، والدماء، والألم.

 

يمكننا تخيل اجتماع حكومي إسباني يتحدثون فيه عن حقوق القردة: "علينا أن نضمن عدم استخدام القردة في التجارب العلمية. هذه مخلوقات ذكية! لنحمي كرامتها!" في حين يُعتبر الطفل الغزي مجرد رقم في قوائم الشهداء، وكأن وجوده ليس سوى إحصائية تؤكد مدى "التوازن" في الصراع. فهل يحتاج القرد إلى محامٍ للدفاع عنه بينما يموت البشر بلا منازع؟

 

يُظهر الواقع أن هناك شيئاً ما في التوازن الأخلاقي في العالم قد اختلّ. فبينما تزرع إسبانيا شجرات حقوق القردة في حديقة حيواناتها، تُزرع الدمار والخراب في حدائق غزة. فالحكومات تتعامل مع القردة وكأنها أولادها، بينما تُهمل البشر وكأنهم أرقام على ورقة إحصائية.

 

إنها مفارقة تجعلنا نتساءل: هل ستحصل القرود على حق اللجوء في إسبانيا بينما تُغلق الأبواب في وجه اللاجئين الفلسطينيين؟ هل ستصبح القردة نجوماً في عالم الحقوق، بينما يُنظر إلى الفلسطينيين كخطر يجب التخلص منه؟

 

بينما تسير إسبانيا في هذا الاتجاه، يبدو أننا نحتاج إلى تعديل القوانين العالمية لتشمل المزيد من الكائنات، فنحن نعيش في عصر حيث الحقوق تُوزع بشكل انتقائي. قد يكون الوقت قد حان لكتابة مشروع قانون جديد يُعنى بـ"حقوق البشر" في غزة، لكن يبدو أن ذلك بعيد المنال، إذ تُفضّل بعض الدول انتظار انتهاء الأزمة على أن تكون جزءًا من الحل.

 

إذاً، بينما تُنصف القردة، دعونا نتساءل: أين هو الإنصاف الحقيقي؟ هل يكفي أن تُعطي القردة حقوقاً لننعم بضمير مرتاح، بينما يستمر الإبادة في غزة؟ قد تكون القردة محظوظة، لكن الإنسانية في أماكن أخرى لا تزال تدفع الثمن.

نعم
هل اعجبك المقال