بما أنّ الأدب يتألّف من شقّين أولهما الشعر وثانيهما النثر، وفي الجزء الأول من المقال تحدثنا عن توظيف الشعراء للتراث الحسينيّ في شعرهم، وفي هذا الجزء سنتحدث عن التراث الحسيني في النثر العربي.
التراث الحسيني كَثُر توظيفه في الشعر أكثر من النثر وذلك لأسباب ذكرناها في الجزء الأول ومنها أنّ الشعر من الفنون التي يتعاطاها الناس بكثرة فضلاً عن أن الشعر أكثر حفظًا من النثر وإلى غير ذلك من الأسباب التي أدّت إلى انتشار النهضة الحسينية والقضية الحسينية في الأرجاء وإن لاقت الصعوبات إبان الدولة الأموية والدولة العباسية اللتان حاربتا كل ما له صلة بالحسين وأهل البيت عليهم السلام.
أما في النثر فقد تناول الأدباء القضية الحسينية على نحو أقل بكثير من الشعر، والنثر الفني الذي وظّفت فيه القضية الحسينية جاء متأخّرًا عن الزمن الذي وظّفت فيه القضية في الشعر، ونستطيع القول بأنّ القضية الحسينة في النثر الفني وظّفت في بدايات القرن العشرين، إذ وظفت بشكل قصصي أو ذكر للأحداث التي جرت في كربلاء سنة 61 للهجرة في الأدب ولكن بشكل نثري لا شعري ونستطيع القول إنّ المحاولات الأولى لهذا التوظيف جاءت على يد الأديب (جرجي زيدان) في روايته (غادة كربلاء) إذ سرد في هذه الرواية الفنية الأحداث التي جرت في كربلاء على الحسين وأهل بيته عليهم السلام، وهذا على المستوى الرواية الإسلامية، وتابعه على ذلك (عبد الرحمن الشرقاوي) إذ وظّف نهضة الإمام الحسين عليه السلام في النثر عبر كتابة المسرحية وذلك بكتابته لمسرحيتي (الحسين ثائرا) (الحسين شهيدا) (وثأر الله) وغيرها.
هناك الكثير من المسرحيات التي كُتبت عن الإمام الحسين عليه السلام وقضيته كـ(نصرة الحسين) لمحسن النصار و(هكذا تكلم الحسين) لمحمد عفيفي مطر.
وخلاصة القول: أن لو قورن الشعر بالنثر من حيث توظيفه للقضية الحسينية نجد أن الشعر صاحب النصيب الوافر في ذلك على الرغم من أن المسرحيات أخذت شوطًا ليس بالقليل في تناول مسألة القضية الحسينية وتوظيفها للتراث الحسينيّ إلا أنّ الشعر يبقى سبّاقًا في ذلك فالقصيدة ربما في بعض الأحايين تكون أسهل تأليفًا من المسرحية أو الرواية أو القصة القصيرة لما في الأخريات من جهد وتتبع وتسلسل في الأحداث والأشخاص والزمان والمكان وما يتصل بذلك من مقومات العمل النثري الفني المتكامل، هذا فضلا عن أن المسرحيات تكتب لكي تمثل على الخشبة وليست للقراءة على عكس الشعر الذي يتناوله الناس حتى في جلساتهم الصغيرة.
وعلى هذا نجد أن الحسين وقضيته العظيمة كانت وما زالت محور الكتابات الأدبية شعرًا ونثرًا لأنها قضية تضحية من أجل الحرية والسلام والإصلاح.