قوله تعالى "الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة" (النجم 32) قسمت الفواحش الى قسمين ظاهرية وباطنية. من امثلة الفواحش الظاهرة الغيبة والنظر والاستماع الى الحرام والزنا وشرب الخمر فعند اجتنابها خوفا من الله فان ذلك يعتبر امان من الفزع الاكبر والنار. فاجتنابك الزنا يبعدك عن النار. اما الفواحش الباطنة فهي التي تخص النفس والقلب مثل الحسد والغيض والغضب، لذلك كظم االغضب والغيض يحرم صاحبه من النار.
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ" (الشعراء 166) أي متجاوزون خارجون عن الحد الذي خطته لكم الفطرة والخلقة فهو في معنى قوله "إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيل" (العنكبوت 29). من الآيات الناهية عن الزنا في كتاب الله تعالى هي قوله"وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ" (المؤمنون 7) (المعارج 31) المتجاوزون ما أحل الله لهم إلى ما حرمه عليهم. كأن الإنسان ولى وجهه إلى جهة تخالف جهته قال تعالى "فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ" (المؤمنون 7). وفي الكافي، بإسناده عن علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال: قول الله عز وجل "قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ" (الاعراف 33) فأما قوله "ما ظَهَرَ مِنْها" (الاعراف 33) يعني الزنا المعلن ونصب الرايات التي كانت ترفعها الفواحش في الجاهلية للفواحش، وأما قوله عز وجل"وَما بَطَنَ" يعني ما نكح من أزواج الآباء لأن الناس كانوا قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وآله إذا كان للرجل زوجة ومات عنها تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن أمه فحرم الله عز وجل ذلك، وأما "الْإِثْم" فإنها الخمر بعينها. أقول: والرواية ملخصة من كلامه عليه السلام مع المهدي وقد رواها في صورة المحاجة في الكافي، مسندة وفي تفسير العياشي، مرسلة وأوردناها في روايات آية الخمر من سورة المائدة. وفي تفسير العياشي، عن محمد بن منصور قال: سألت عبدا صالحا عليه السلام عن قول الله: "إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ" قال: إن للقرآن ظهرا وبطنا فأما ما حرم به في الكتاب هو في الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل في الكتاب هو في الظاهر والباطن من ذلك أئمة الحق. أقول: ورواه في الكافي، عن محمد بن منصور مسندا، وفيه: فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الحق. أقول: انطباق المعاصي والمحرمات على أولئك والمحللات على هؤلاء لكون كل واحد من الطائفتين سببا للقرب من الله أو البعد عنه، أو لكون اتباع كل سببا لما يناسبه من الأعمال.
عن تفسير السعدي: قوله تعالى " وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ " أي: عمر الذي كان معمرا عمرا طويلا " إِلَّا " بعلمه تعالى، أو ما ينقص من عمر الإنسان الذي هو بصدد أن يصل إليه، لولا ما سلكه من أسباب قصر العمر، كالزنا، وعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، ونحو ذلك مما ذكر أنها من أسباب قصر العمر. والمعنى: أن طول العمر وقصره، بسبب وبغير سبب كله بعلمه تعالى، وقد أثبت ذلك " فِي كِتَابٍ " حوى ما يجري على العبد، في جميع أوقاته وأيام حياته.
عن كتاب نظرات معاصرة في القرآن الكريم للدكتور محمد حسين الصغير: وعن جريمة الزنا: جريمة يقاربها من لا عائلة له يحافظ على شرفها، ولا زوجة يصون حرمتها، ولا بنت يغار عليها، ولا أخت يثأر لكرامتها لأن الزنا دين كما يقول العرب (كما تدين تدان)، وقد جعل الله سبحانه وتعالى في الزواج غنى عن هذه الجريمة الخلقية في أمراضها وأضرارها ونتائجها. قال تعالى "وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً" (الاسراء 32). وقد عالج القرآن هذه الظاهرة عملياً بالطرق الشرعية المسنونة، وشدد عليها عقاباً في البكر فقال تعالى "الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ" (النور 2). ثم هز القرآن الكريم الحمية والغيرة والكرامة، وأنه ليربأ بالنفس الانسانية عن هذا المسلك الوخيم فقال تعالى "الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى المُؤْمِنِينَ" (النور 3). لهذا كان قذف المحصنات والتشهير بالنساء البريئات من المحرمات التي يعاقب عليها الله تعالى، وانظر إلى قوله "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" (النور 4). ولنبتعد قليلاً عن هذا المناخ إلى عظمة قوله تعالى في صد هذا المناخ"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم 21). اثرى الهدوء النفسي والاطمئنان الروحي مهيئاً بالزنا وبالمحرمات الاخرى كاللواط والسحاق والعادة السرية، إنها لموبقات حقاً "وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا" (طه 131). ألا تنظر إلى قوله تعالى وهو يرغب بنعيم الجنة في ملذاتها الحسية "وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة 25). وإلى قوله تعالى "وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" (ال عمران 15). إنني أدعو الشباب المثقف إلى الزواج بسن مبكرة من أجل مكافحة جريمة الزنا، فالزواج المبكر سنّة سار عليها سلفنا الصالح، وأدعو الآباء والامهات إلى التخفيف من غلاء المهور وشروط الزواج، فالمسلم كفء المسلمة، قال تعالى "وَأَنكِحُوا الأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" (النور 32). والزواج حاجة يحتاج إليها الشباب بخاصة كالاحتياج إلى الاكل والشرب بالضبط، ولا حياء في الدين.
عن کتاب الإمام جعفر الصادق عليه السلام للمؤلف عبد الحليم الجندي: عن محاورة الامام الصادق مع أبو حنيفة يقول مؤلف الكتاب عبد الحليم الجندي: ويقول أبو حنيفة (استأذنت عليه فحجبني. وجاء قوم من أهل الكوفة استأذنوا لهم فدخلت معهم. فلما صرت عنده قلت: يا ابن رسول الله لو أرسلت إلى أهل الكوفة فنهيتهم أن يشتموا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإني تركت فيها أكثر من عشرة آلاف يشتمونهم. فقال: لا يقبلون منى. فقلت: ومن لا يقبل منك وأنت ابن رسول الله؟ فقال الصادق: أنت أول من لا يقبل منى. دخلت بغير إذني. وجلست بغير أمري. و تكلمت بغير رأيي. وقد بلغني أنك تقول بالقياس. فقلت: نعم أقول به. فقال: ويحك يا نعمان أول من قاس إبليس حين أمر بالسجود لآدم فأبى وقال: خلقتني من نار وخلقته من طين. أيهما أكبر يا نعمان القتل أم الزنا؟ قلت القتل. قال: فلم جعل الله في القتل شاهدين وفي الزنا أربعة؟ أيقاس لك هذا؟ قلت لا. قال: فأيهما أكبر البول أو المنى. قلت البول. قال: فلماذا أمر في البول بالوضوء وأمر في المنى بالغسل. أيقاس لك هذا؟ قلت: لا.
جاء في كتابات في الميزان للكاتب نجم الحجامي عن (لا تبقوا لاهل هذا البيت باقية): يطمح العبد ان يساويه بالرفعه والسمو ولكنه يعجز لفساد في طبعه سيما اذا كان من ابناء الزنا وذوات الرايات والعهر وهذه مهن تخلق الشر في النفوس وتبعث على الحسد وهذا ماحدث مع اميه العبد الذي تبناه عبد شمس (وسنتطرق لاثبات عبوديته في بحث منفصل) ومع بني اميه عموما ذو المنبت السئ وابناء الزنا وذوات الرايات. كل هؤلاء يملكون نفوسا تميل بطبعها الى الحسد والخسه تحسد كل شريف ساد باخلاقه واصله او تكريم الله له. وقال سبحانه: "أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا" (النساء 54) اضمر اميه وبنو اميه حسدا وحقدا رهيبا على بني هاشم.
جاء في قاموس الكتاب المقدس / دائرة المعارف الكتابية المسيحية عن شرح كلمة الزِنَا / الزِّنَى: الزنى (الزنا) خطيئة تلوث حياة الإنسان ونفسه وتنجسه وتستحق عقاب الله الصارم حسب إعلاناته. وهي: (1) المعنى الموسوي - كل اتصال جنسي غير شرعي. كأن يضاجع رجل امرأة غيره، أو فتاة مخطوبة لرجل آخر، أو فتاة حرة غير مخطوبة، إلخ.. وكان عقاب هذه الخطيئة الرجم والموت (لا 20: 10، تث 22: 22-29). وهناك تفاصيل عديدة بخصوص هذه الخطيئة وطريقة إظهارها ومعاقبتها في أسفار موسى (عد 5: 11-31). (2) المعنى المسيحي - كل نجاسة في الفكر والكلام والأعمال. وكل ما يشتم منه شيء من ذلك ولعل هذا المعنى مأخوذ من الوصية السابعة بتفسير المسيح في موعظته على الجبل (خر 20: 14، تث 5: 18، مت 5: 27، 28). (3) المعنى المجازي - الانحراف عن العبادة للإله الحقيقي إلى الآلهة الوثنية. أو كل عدم أمانة بالنسبة للعهد مع الله (ار 3: 8، 9، حز 23: 37، 43، هو 2: 2-13). وقد وردت هذه اللفظة في الكتاب المقدس كثيرًا للدلالة على خيانة شعلة على خيانة شعب الله ونكثهم للعهود المقدسة وكأن الله يطلب كل قلوبنا المحبة باعتباره زوجًا ينتظر من عروسه كل قلبها. الزنا هو الاتصال الجنسي غير الشرعي، ولم تكن الحضارات الوثنية القديمة تؤثمه وبخاصة بالنسبة للرجل، إلا إذا عاشر زوجة رجل آخر أو مخطوبته. وهو محظور تمامًا، فالوصية السابعة من الوصايا العشر تقول: "لا تزن" (خر 20: 14، تث 5: 18)، وبتحديد أكثر: "لا تجعل مع امرأة صاحبك مضجعك لزرع فتتنجس بها" (لا 18: 20). (1) عقوبة الزنا: وكانت العقوبة الموت لكلا الطرفين: "إذا زني رجل مع امرأة، فإذا زني مع امرأة قريبه، فإنه يقتل الزاني والزانية" (لا 20: 10). ولم تنص الشريعة علي طريقة تنفيذ الحكم بالموت في هذه العقوبة، ولكنها -كما يقول المعلمون اليهود- كانت تتم بالشنق. ولكن يبدو أنه في أيام وجود الرب يسوع بالجسد علي الأرض، كانت طريقة تنفيذ عقوبة الموت هي الرجم. فحين قدم الكتبة والفريسيون إلي يسوع امرأة أمسكت في زنا، قالوا له: "وموسي في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم" (يو 8: 5)، ولكن لعل تلك المرأة كانت عذراء مخطوبة لرجل، فقد نص الناموس علي أنه في مثل هذه الحالة ترجم هي والرجل الذي اضطجع معها (تث 22: 23، 24). ولكن في حالة المرأة المتزوجة التي تزني، كانت تقتل هي وشريكها، ولكن دون تحديد لطريقة تنفيذ العقوبة (تث 22: 21). ويذكر حزقيال أن الرجم كان عقوبة الزانية (حز 16: 40، 23: 47)، إلا انه هنا يقرن الزنا بخطية أخري هي سفك الدم (حز 16: 38)، ومن ثم فليس في تفسير المعلمين اليهود ما يتعارض مع قول النبي. ويمكن بالطبع أن نفترض اختلاف العرف والعادة بتغير الأزمنة، وأنه مع ما طرأ - بمرور الوقت- من تساهل، كان الشنق يعتبر صورة أكثر إنسانية من تنفيذ العقوبة بالرجم.