قال الله سبحانه وتعالى عن يرتع في آية واحدة "أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" ﴿يوسف 12﴾ يرتع فعل، يرتع: ينعم بما لذَّ وطاب، أو يأكل ما يشاء، يَرْتَعْ: يأكل ويشرب، أرسله معنا غدًا عندما نخرج إلى مراعينا يَسْعَ وينشط ويفرح، ويلعب بالاستباق ونحوه من اللعب المباح، وإنا لحافظون له من كل ما تخاف عليه.
عن تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: رتع "يرتع" (يوسف 12) أي يتسع في أكل الفواكه، ونحوها من الرتعة وهي الخصب، ويقال: نرتع أي نرتع إبلنا، ونرتع أيضا بكسر العين: أي تفتعل من الرعي. وجاء في معاني القرآن الكريم: الرتع أصله: أكل البهائم، يقال: رتع يرتع رتوعا ورتاعا ورتعا، قال تعالى: "يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ" ﴿يوسف 12﴾، ويستعار للإنسان إذا أريد به الأكل الكثير، وعلى طريق التشبيه.
جاء في المعاجم: رَتَعَتِ الماشيَةُ ـَ رَتْعاً، ورُتُوعاً، ورِتَاعاً: رعت كيف شاءَتْ في خصبٍ وسعة. ويُقال: خرجنا نلعب ونرتع: نلهو وننعم. وفي لحمه: اغتابه. رِتَاعٌ، ورُتَّعٌ. أَرْتَعَ: وقع في خِصْب ورِعْيٍ. والمطرُ: أَنبت ما ترتع فيه الماشية. والمكانُ: أَشبعَ الراعية. وإِبِلَه: جَعَلها ترتَعُ. الرَّتَّاع): الذي يتتبع بالماشية المَرَاتعَ الخِصْبَة. الرَّتْعَة: الاتِّسَاع في الخِصْبِ. المَرْتَع: الموضع ترتع فيه الماشية. رتَع القومُ في المكان: أقاموا وتنعّموا وأكلوا فيه وشربوا ماشاءوا في خِصْبٍ وسعة: ينعم ويلهو. أضداد أَرْتَعَ القَوْمُ فعل: أَجْدَبُ، أَمْحَلُ، أَقْحَلُوا.
قال الله تبارك وتعالى "أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (يوسف 12) عن الموسوعة الالكترونية لمدرسة اهل البيت: كان إخوة يوسف يعتقدون أن أباهم يعقوب يحبّ يوسف وبنيامين أكثر منهم وكانوا مستائين بهذا السبب. فذات يوم استأذنوا أباهم أن يذهبوا بيوسف معهم إلى الصحراء عند رعي الأغنام حتى يلعب. ولكن بحسب ما نقله الطباطبائي عن التوراة أن يعقوب هو الذي طلب من يوسف أن يصحب إخوته، ليتأكد من سلامة إخوته وسلامة الأغنام. وجاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى: "أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (يوسف 12) الرتع هو توسع الحيوان في الرعى والانسان في التنزه واكل الفواكه ونحو ذلك. وقولهم أرسله معنا غدا يرتع ويلعب اقتراح لمسؤلهم كما تقدمت الإشارة إليه.
وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: وقرأ أبو جعفر، ونافع: "يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ" (يوسف 12) بالياء فيهما وكسر العين من يرتع. وقرأ ابن كثير: نرتع ونلعب بالنون فيهما، وكسر العين. وقرأ أبو عمرو، وابن عامر: نرتع ونلعب بالنون فيهما وجزم العين. وقرأ أهل الكوفة، ورويس، عن يعقوب: يرتع ويلعب بالياء فيهما، وجزم العين. وقرأ روح، وزيد عن يعقوب. نرتع بالنون، وجزم العين، ويلعب بالياء. وقد روي ذلك عن أبي عمرو، وهو قراءة الأعرج، وإبراهيم النخعي. وفي الشواذ قراءة العلاء بن سيابة يرتع بالياء وكسر العين، ويلعب رفعا. وقراءة أبي رجا يرتع ويلعب. وأما قوله نرتع ويلعب فقد قال أبو علي: قراءة من قرأ نرتع بالنون وكسر العين، ويلعب بالياء حسن، لأنه جعل الارتعاء والقيام على المال لمن بلغ وجاوز الصغر، وأسند اللعب إلى يوسف لصغره، ولا لوم على الصغير في اللعب، والدليل على صغر يوسف قول إخوته: "وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (يوسف 12) ولو كان كبيرا لم يحتج إلى حفظهم، ويدل على ذلك قول يعقوب "وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ" (يوسف 13) وإنما يخاف الذئب على من لا دفاع به من شيخ كبير، أو من صبي صغير. وأما الارتعاء: فهو افتعال من رعيت، مثل شويت واشتويت، وكل واحد منهما متعد إلى مفعول به قال الأعشى: ترتعي السفح فالكثيب، فذاقار * فروض القطا، فذات الرمال. وقد يستقيم أن يقال نرتع، وإنما ترتع إبلهم فيما قال أبو عبيدة، ووجه ذلك أنه كان الأصل يرتع إبلنا، ثم حذف المضاف، وأسند الفعل إلى المتكلمين، فصار نرتع. وكذلك نرتعي على يرتعي إبلنا، ثم حذف المضاف، فيكون نرتع. وقال أبو عبيدة: نرتع نلهو، وقد تكون هذه الكلمة على غير معنى اللهو، ولكن على معنى النيل من الشئ، كقولهم في المثل: الصيد والرتعة. قالوا: رأيت مرتع إبلك، لمرادها الذي فيه. فهذا لا يكون على اللهو، لأنه جمع ثور راتع، أو رتوع. وأما نلعب: فحكي أن أبا عمرو قيل له: كيف يقولون نلعب وهم أنبياء؟ فقال: لم يكونوا يومئذ أنبياء.
قال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم (من أحبَّ أن يرتَعَ في رياضِ الجنةِ فليُكْثِرْ من ذكرِ اللهِ). وقال الامام الحسن عليه السلام: نَحْنُ أُنَاسٌ نَوَالُنا خَضِلُ * يَرْتَعُ فِيهِ الرَّجاءُ والأَمَلُ.