البحث المتقدم

البحث المتقدم

   ظاهرة الذنب

17 تقييم المقال

 

الذنب بحقيقته لا يشكل طفرة مفاجئة عند الفرد وحالة مباغتة ليس لها جذور وأوليات، وهي لا تحدث وليدة الصدفة، وإنما يعد مظهر من مظاهر الخلل بالذات، وضعف بالإرادة، حيث ان ظاهر القران الكريم يدل على هذه الحقيقة، حين يقول {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ}، وان هذا الخلل في الذات ناتج عن عدة عوامل ساهمت بتشكل الذنب؛ منها البيئة المحيطة وطريقة التفكير والرغبات البشرية واستسهال الغفلة، فالذات البشرية مادامت باقية على وضعها الذي اعتادت عليه فأنها سوف تنتج المزيد من الذنوب والاخطاء حتى ولو استمر الفرد في الحياة لمدة 100 سنة ما دام لم يغير ذاته ويكتشف نفسه.

 هذا الذنب هو كاشف عن طبيعة الانسان وشاكلته، ولو أردنا ان نقيسه بمقاييس المادة كما الحال في قياس درجات الحرارة والبرودة وكذلك قياس المساحة، فأن الشخص المذنب بمنظور القياس يدل على ضعف في الإرادة وانهزام الذات وعدم صلابة بالإيمان، والتخبط والضنك في كيان الفرد الداخلي والخارجي.

وإذا قلنا ان لكل شي إثر ولكل فعل نتيجة فمن الطبيعي ان يكون للذنوب آثر خطيرة على النفس البشرية لا يمكن التغافل عنها والاستهانة بها لما لهذه الذنوب من آثار خطيرة وعميقة تهدد حياة الفرد، نذكر هذه الآثار وفق روايات آهل البيت الكرام وما نقلوه لنا من تراث ضخم، فهي تحبط العمل وتسود القلب وتقسي القلب وتنسي العلم ومن آثاره الحرمان من صلاة الليل التي هي مفتاح الخيرات وحلول النقمة والحرمان من الرزق والحزن؛ وهو من المشاكل العصرية المدمرة وذهاب البركة من حياة الانسان ومن ذريته.

كل هذه الاثار لو أردنا ان نلخصها بكلمه واحد سوف تكون (الحرمان)، كقوله تعالى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}، لما تشكله الذنوب من حجب عظيم لكل بركات السماء والأرض.

في قصة لطيفة، يروى ان المحقق محمد الفشاركي وهو أحد كبار المحققين، كان يقول انه رأى رجل متفاجأ؛ في حالة من الدهشة، ورأيت الناس يتعاملون معه معاملة المجانين، وفي يوم جاء هذا الرجل المجنون في اعين الناس الى المسجد في غير وقت الصلاة، وبدأ بالصلاة ورأيت ان صلاته من أفضل ما رأيت من صلاة وهي من صلاة العقلاء، فلما اتم واراد الخروج، بادرت بسؤاله عن قصته وقضيته، فحاول التهرب، وبعد الالحاح المتكرر والتهرب المتكرر اقسمت عليه بمن اصبح مدهوشا بسببه، فبدأ الرجل بالبكاء وقال إني كنت موفق للقاء الولي الأعظم الامام المهدي (عج الله فرجه الشريف) في بداية حياتي، ولاكن على اثر ذنب صدر مني، حرمت من هذه النعمة وانا في حالة ذهول شديد من اثر هذا الحرمان، فقال اني نظرت الى امرأة يحرم النظر اليها.

والقصة بما فيها من معنى تدل على ان هذه العين التي نظرت نظرة حرام ليس لها صلاحية النظر الى وجه الامام المهدي عليه السلام، والقلب والعين واللسان والآذان إذا صارت ملوثة تصبح ليس لها قابلية ان ترتفع لمقابلة الامام الحجة، لما تمثله الرذيلة من حجاب بينه وبين كل الخير المكنون من علم وبركة وسداد.

وعند تتبع السيرة المطهر نجد هنالك الكثير من الحلول العملية والجذرية يمكن للفرد من خلالها اصلاح ذاته والتحكم بشهواته، بدأ من تغيير برمجة التفكير وإعادة النظر في الأوليات فضلا عن التحكم بالمدخلات الى العقل اللاواعي كونها سوف تتحول الى سلوك وتصرف في المستقبل، كل هذه الأمور تسهم في الإقلاع عن الذنوب ولاكن اهم شي هو دوام المراقبة الذاتية؛ المراقبة تعني ان الانسان يراقب كل ما يفعل وماذا يقول مراقبة شديدة، وانه مستعد للجواب عن فعله وعمله وكلامه فيما إذا سئل يوم القيامة عنها..

 

 

نعم
هل اعجبك المقال