السلطة توجب لصاحبها المهابة والوقار وتفرض على عام الناس منهم الاحترام والتقدير سواء كانوا راضين ام لم يرضوا، فالمحصلة النهائية ان الناس يٌجلون السلطان لسلطته ويعظمون الملك لملكه، فكيف لو كان الحاكم من اهل العدل ومن ذوي الرحمة على رعيته فيكون ذلك الاحترام وذلك التعظيم من عامة الناس احترام رضا وقناعة بقائدهم لأنه سكن قلوب الناس بعدله واحسانه قبل نفوذ سلطته.
هنا وقف الرسول العظيم محمد (ص) وبين لنا مكارم الاخلاق وصفات تجعل من حامل تلك الاخلاق الفضيلة ملك بدون تاج وامير في مدينته ووجيهن عندهم فقال صلوات الله عليه وعلى آله وسلم "لن ينال عبد صريح الإيمان حتى يصل من قطعه، ويعفو عمن ظلمه، ويغفر لمن شتمه، ويحسن إلى من أساء إليه" وما اروعها من صفات تسموا بالنفس الإنسانية وتحلق به في سماء الفضائل والمكارم.
تعاني جل المجتمعات حول العالم من ظواهر انعدام الاخلاق والاعتداء وسوء الخلق، لان الإنسان المسيء الذي يتعدى على حدود الاخرين ولا يراعي مشاعرهم كونه يعتقد في قرارة ذاته وباطن ضميره ان الناس يريدون ظلمه والجور عليه ومصادره ممتلكاته فيكون السباق للظلم والبادئ بالاعتداء، فيشكل خطراً حقيقة على المجتمع وواجب معالجته بأفضل طريقة ممكنة.
وعليه فأن المؤمنين قد أمٌروا بالتحلي بمكارم الاخلاق وتطبيقها على ارض الواقع بما يضمن بيئية اجتماعية سليمة وصحية تنشئ أجيال مؤمنة ومنها وبشكل خاص الاحسان لمن اساء إليهم، فيعتبر الاحسان للشخص المسيء من أفضل الطرق التي تساهم في معالجة هكذا اشخاص اختلط عليهم الفهم، وتناوبتهم الشكوك ووقعوا في مصيدة سوء الظن، فأن الشخص المسيء سوف ينصدم من الاستجابة الغير متوقعة والمصاحبة لكل مظاهر الحب والرحمة والإحسان من المؤمنين المطبقين لوصية الرسول والمقتفيين أثره وسلوكه (ص)، وهذا ما يجعل المسيء صغيرا جدا في أعين الناس وفي نفسه كذلك، مما قد يساعد في إعادة برمجته النفسية وتغير مفهومه تجاه الناس عامة وتجاه الشخص المحسن خاصة، فأن هذه الاخلاق العظيمة تعد من افضل الطرق التي تبني المجتمع وتصحح اخطاءه وتوجهه نحو جادة الصواب.
ولا يخفى على أحد ان أفضل وأحسن من تحلى بمكارم الاخلاق هو الحبيب محمد (ص) والذي هو أهلها وسيدها وهو الذي وصفه الله سبحانه في القرآن الكريم "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ" وكذلك قال "ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك" مما يشير الى ان رسالة السماء والسنة المحمدية كان أساسها مكارم الاخلاق والتي كان النبي محمد (ص) أفضل من تحلى بها، لا سيما وان الرسول الكريم قد عرف قبل الدعوة بالصادق الأمين على لسان اهل الجاهلية وعتاة قريش.
يمكن القول بضرس ٍقاطع؛ أن الانسان المحسن سوف يعيش حياة هادئ يحيطها الكثير من مظاهر الاجلال والاحترام والتعظيم حاله حال الانسان الكريم والانسان الذي يصل رحمه والذي يعفو عمن ظلمه، تلك المظاهر تكون مشابه بشكل ما للهالة المحيطة بالأمراء والحكام والملوك.