الظواهر الطبيعية وما اشتملت عليها من حركة الهواء وجريان المياه وجمال المروج الخضراء وطبيعة الكواكب وضياء الشمس والتي لو أردنا عدها واحصائها لن نقوى عليها ذكرا، وان هذه الظواهر عادة ما تكون محكومة بقوانين وضوابط تحدد وظيفتها وسنن الآهية تضبط حركتها وتسيرها بما يخدم الانسان احتياجاته ونظام حياته وكيفي يستفاد من هذه الظواهر التي خلقها الله سبحانه وتعالى في ضل رحمته والسخرة بإرادته جل وعلا.
يعتبر الموت حاله حال كل تلك الظواهر المادية والمحسوسة في الوجود، فهو يقوم بوظيفته التي وجد لها وفق القوانين الطبيعة وعادة ما يكون الموت مصاحب لكل مظاهر الرعب ومدعاة للقلق والخوف، لان الانسان بسلوكه الطبيعي جاهل لما ينتظره بعد الموت بدأ من الموت نفسه والقبر ويوم الحساب وانتظار الحكم الأخير إما الجنة او النار، ومن جهة ثانية فأن الانسان يحب المكوث والاستمتاع بحياته والتمسك بما لديه من ممتلكات ولا يفرط بشيء من ما يملك ويخاف التغيير.
وعادة ما تطرح الكثير من الأسئلة حول قضية الموت لماذا يريد الله ان يعذب الناس في الاخرة وهل الاخرة دار عذاب وهل الموت مؤلم وما حقيقة ظلمات القبر والكثير من الأسئلة والاستفسارات التي تحوم حول الموت بشكل متكرر.
ونحن لسنا اليوم في خضم دراسة الموت وما بعده وسرد دراسة مفصلة أنما الالتفات لقضية حقيقية لا تخفى على احدٍ؛ وهي إننا تناسينا حقيقة نعرفها وأنسانيها الشيطان، وهي ان أساس خلق الخلق كان على رحمة من الله ولطف بعباده وان الكون الهائل الحجم هو في الاساس وجد لخدمة الانسان فضلا عن وجود الحيوانان والهواء والتربة والماء وكل معلم من معالم الحياة، حتى يعيش الفرد فيها حياة كريمة منعمة بنعم الله ومستأنسة بعطاياه، وان هذه الرحمة العظيمة اللامتناهية ليست مقصورة على دار الدنيا فحسب بل حتى دار الاخرة فهي تحضا بالنصيب الأكبر.
فيما روي أنَّ موسى (ع) لما دفن أخاه هارون (ع) ذكر مفارقته له وظُلمة القبر، فأدركته الشفقة، فبكى، فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى، لو أذنت لأهل القبور أن يخبروك بلطفي بهم لأخبروك يا موسى، لم أنسَهم على ظاهر الأرض أحياء مرزوقين، أفأنساهم في باطن الأرض مقبورين؟! يا موسى، إذا مات العبد لم أنظر إلى كثرة معاصيه، ولكن أنظر إلى قلَّة حيلته، انتهى)، فسبحان الله ما الطفه وارحمه بمخلوقاته في الاخرة قبل الدنيا.
وفي حديث لأمير المؤمنين (ع) انه قال: "الله رحيم بعباده، ومن رحمته أنه خلق مائة رحمة جعل منها رحمة واحدة في الخلق كلهم، فبها يتراحم الناس، وترحم الوالدة ولدها، وتحنن الأمهات من الحيوانات على أولادها، فإذا كان يوم القيامة أضاف هذه الرحمة الواحدة إلى تسع وتسعين رحمة فيرحم بها أمة محمد، ثم يشفعهم فيمن يحبون له، الشفاعة من أهل الملة حتى أن الواحد ليجئ إلى مؤمن من الشيعة فيقول: اشفع لي، فيقول: وأي حق لك على؟ فيقول: سقيتك يوما ماءا فيذكر ذلك فيشفع له فيشفع فيه ويجيئه آخر فيقول: إن لي عليك حقا فاشفع لي، فيقول: وما حقك علي؟ فيقول: استظللت بظل جداري ساعة في يوم حار، فيشفع له فيشفع فيه، ولا يزال يشفع حتى يشفع في جيرانه وخلطائه ومعارفه، فإن المؤمن أكرم على الله مما تظنون".
بقليل من التأمل والتدبر لتيقنا وأدركنا اننا امام خالق ينظر بعين اللطف والرحمة ويسير أمور عباده بالرئفة والحنان، ويعطي بدون مسألة ويرزق ما يشاء كيفما يشاء، فسبحان الله الذي لا آله إلا هو من مقتدر ما ارحمه ومن ملك ما الطفه، لذا علينا ان نحسن الظن بالله لإنه سبحانه وتعالى عند حسن ظن عبده به.
اما فيما يخص المخالفين والمعاندين فانهم بطيعة الحال قرروا ابطان المكر وإظهار العداوة والمجاهرة بالعصيان والوقوف مع جهة الباطل علانية بسابق ترصد جاعلين من الله سبحانه وتعالى وأولياءه العدو الأول، هذا يجعلهم يتحملون عواقب الاختيار الذي أصروا عليه ولم يقفوا موقف التسليم المحض لقرارات السماء وما أمروا به وما نهوا عنه، بل سولت لهم أنفسهم ودخلت الدنيا قلوبهم، فتعسن لهم ولكل من ابتعد عن الخالق العظيم وافترق عن الجواد الكريم، فنحن نقول كما يقول الامام الحسين (ع) "ماذا وَجَدَ مَن فَقَدَكَ؟ ومَا الَّذي فَقَدَ مَن وَجَدَكَ؟ لَقَد خابَ مَن رَضِيَ دونَكَ بَدَلاً، ولَقَد خَسِرَ مَن بَغى عَنكَ مُتَحَوِّلاً، كَيفَ يُرجى سِواكَ وأنتَ ما قَطَعتَ الإِحسانَ؟ وكَيفَ يُطلَبُ مِن غَيرِكَ وأنتَ ما بَدَّلتَ عادَةَ الاِمتِنانِ؟ . . .