البحث المتقدم

البحث المتقدم

            الدستور العراقي 2005.. خطوة مفصلية وثمرة حوار وطني في بناء الدولة الجديدة

0 تقييم المقال

بعد سقوط النظام الدكتاتوري في نيسان عام 2003م، دخل العراق مرحلة جديدة من تاريخه السياسي والاجتماعي، مرحلة اتسمت بالتحول من نظام استبدادي شمولي إلى نظام ديمقراطي تعددي.

          وكان وضع دستور دائم للبلاد أحد أبرز الخطوات نحو بناء الدولة الحديثة وإرساء مبدأ سيادة القانون.

شهد العراق بعد الاحتلال فراغًا سياسيًا كبيرًا تطلّب إيجاد إطار قانوني ينظم العلاقة بين السلطات ويضمن حقوق المواطنين، فتمّ تشكيل لجنة لكتابة الدستور برعاية الأمم المتحدة، وبمشاركة ممثلين عن جميع المكونات العراقية – الشيعة، السنة، الكرد، والتركمان، وباقي الأقليات – في محاولة لبناء عقد اجتماعي جديد يقوم على التوازن والتفاهم الوطني.

وفي الخامس عشر من تشرين الأول (أكتوبر) عام 2005م جرى الاستفتاء الشعبي على مسوّدة الدستور، وصوّت الشعب العراقي بالموافقة بنسبة تجاوزت 78% وبذلك دخل الدستور حيّز التنفيذ؛ ليصبح الركيزة الأولى للنظام السياسي العراق.

     ويتضمن الدستور العراقي لعام 2005م مجموعة من المبادئ التي مثّلت تحولاً جوهريًا في بنية الدولة من أبرزها:

  1. التأكيد على النظام الجمهوري البرلماني الديمقراطي الاتحادي.
  2. ضمان حقوق الإنسان والحريات العامة، بما فيها حرية التعبير والمعتقد والانتماء السياسي.
  3. الاعتراف بالتعدد القومي والديني والمذهبي للمجتمع العراقي.
  4. اعتماد الفيدرالية كصيغة لإدارة الدولة، ومنح الأقاليم صلاحيات واسعة في إدارة شؤونها.
  5. النص على أن الإسلام دين الدولة الرسمي ومصدرًا أساسيًّا للتشريع، مع ضمان حقوق غير المسلمين.

على الرغم مما حمله الدستور من طموحات لبناء دولة مدنية عادلة إلا أنه واجه انتقادات عديدة تتعلق بالغموض في بعض مواده، وبطء تنفيذ الإصلاحات الدستورية والخلافات بين المركز والإقليم حول الصلاحيات والثروات النفطية.

 كما أن اختلاف وجهات النظر وتعدد القراءات لبعض بنود الدستور أدى إلى استمرار الجدل بشأن تعديله أو إعادة صياغة بعض بنوده.

لذا يبقى الدستور العراقي لعام 2005م خطوة مفصلية في تاريخ العراق الحديث إذ شكّل الأساس القانوني لبناء الدولة الجديدة بعد عقود من الحكم الشمولي ومع ذلك فإن تفعيل روحه ومبادئه يتطلب إرادة سياسية حقيقية وتوافقًا وطنيًّا واسعًا يضع مصلحة البلاد فوق الانتماءات الطائفية والحزبية، من أجل تحقيق العدالة والاستقرار والتنمية المستدامة.

كما يمثل الدستور العراقي وثيقة تأسيسية لمرحلة جديدة في تاريخ العراق الحديث، إذ أرسى مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وفتح الباب أمام مشاركة جميع المكونات في إدارة الدولة، ومع ذلك فإن نجاح أي دستور لا يعتمد فقط على نصوصه، بل على الإرادة السياسية في تطبيقه بعدالة وشفافية، لذلك يبقى التحدي الأكبر هو تفعيل روح الدستور بما يحقق العدالة الاجتماعية، ويحافظ على وحدة العراق، ويؤسس لدولة المؤسسات والقانون.

 

نعم
هل اعجبك المقال