البحث المتقدم

البحث المتقدم

بناتنا والانفتاح الموهوم

1 تقييم المقال

مقدمة 
في زمنٍ باتت فيه القيم تُسمّى قيودًا، والحياء يُقدَّم على أنه تخلّف، نرى بعض بناتنا ـ هداهم الله ـ يواكبن ما يسمّونه الانفتاح والتطور في المظهر، بينما هو في حقيقته تفكّك عن أصل العفّة والوقار.
تقول إحداهن:
(فلانة كشفت مقدمة شعرها، وأنا بسوي مثلها!)
«تلك لابسة عباءة على الكتف، خلاص ما يحتاج على الرأس!»
«هذي عباءتها ملونة وأنا أبغى أكون مثلها) ! وفلانه تقول حين الخروج للتسوق هذا مكياج خفيف ما يضر .
وهكذا تبدأ مسافة الانزلاق بخطوةٍ صغيرة نحو التقليد الأعمى، حتى يُنسى معنى الحياء الذي هو جذرُ الأنوثة وروحها. فما هو التوجيه المناسب الذي ممكن يكون رسالة من القلب إلى بناتنا لفهم الحجاب والعفة بشكل صحيح؟

وهنا سأقف على جملة من المفردات، لأن المشكلة اليوم فهمٌ مغلوط لمفهوم  الحرية والحجاب والعفة والحيا وغيرها يحتاج إلى تصحيح.

 أولًا: الحياء زينة الإيمان

رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن لكل دين خلقا، وإن خلق الإسلام الحياء). وعنه (صلى الله عليه وآله):( الحياء هو الدين كله)
 وقال أمير المؤمنين (عليه السلام)
(الحياء يصد عن الفعل القبيح )
وقال (ع) (أصل المروءة الحياء، وثمرتها العفة) وقال (ع) 
(فالحياء ليس ضعفًا، بل هو سياج الكرامة، يحفظ قلب الفتاة قبل جسدها، ويجعلها محل احترامٍ لا افتتان) (١)
عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الحياء من الايمان، والايمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار. (٢)


 ثانيًا: الحجاب هو عنوان العفّة
قال الله تعالى:
{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا... وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ}
(النور: 31)
هذه الآية الكريمة لا تدعو إلى مجرد ستر الجسد، بل إلى صيانة الروح من أن تُصبح سلعة للنظر، وتحفظ للمرأة هيبتها وجمالها الربّاني.
وقال تعالى أيضًا:
{ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ، ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}
(الأحزاب: 59) أي إن الحجاب هو شعار الاحترام والهوية، لا عبء ثقيل كما يصوره البعض.
ولذا لا مبرر لكلمات براقة وخادعة مثل هذا مكياج خفيف أو تغير الزمان لا يضر اللباس المهم حجاب الأخلاق وغيرها فالآيات دالة صريحة على حرمة التزيّن ولبس كل ما يلفت نظر الأجنبي وما يعد فتنة وفتاوي الفقهاء صريحة في ذلك 
نأخذ مثال المرجع الأعلى اية الله السيد علي السيستاني حفظه الله يقول 
سؤال: هل يجوز للمرأة لبس البنطلون والقميص الذي يصل حد الركبة او قبلها ببعض سم او بشبر؟ ما هو اللباس الذي يجب ان يتخذ في اوربا (علماً اننا يمكن نقع في حرج او انتقاد من قبل المجتمع) ؟
الجواب: يجب على المرأة ستر جميع جسمها ماعدا الوجه والكفين بشرط ان لا يكون اللباس زينة من حيث اللون والتفصيل وان لا يكون ضيقا يبرز مفاتن جسمها.
م: الموقع الرسمي للسيد حفظه الله 

 ثالثًا: الانفتاح لا يعني الانفلات
الانفتاح الحقيقي هو انفتاح العقل على العلم، والقلب على القيم، والسلوك على الرحمة، لا أن تُختزل الحرية في لون العباءة أو شكل الشعر.
قال الإمام الصادق (عليه السلام)
عن جابر بن عبد الله قال: سمعته يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا أخبركم بشرار نسائكم الذليلة في أهلها العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود التي لا تورع من قبيح، المتبرجة إذا غاب عنها بعلها، الحصان معه إذا حضر لا تسمع قوله ولا تطيع أمره وإذا خلابها بعلها تمنعت منه كما تمنع الصعبة عن ركوبها، لا تقبل منه عذرا ولا تغفر له ذنبا. (٣)
المتأمل في هذه الرواية يجد أنها تحمل تعاليم وتوجيهات مهمّة جدًا تضع ضابطة لعفاف المرأة وحيائها، ولذا فالخطر الكبير في الفهم عند بعض نسائنا أن يُستبدل التطور بالعري، والرقيّ بالغرور، والجمال الحقيقي بالزائف المصطنع.


 كلمة من القلب لبنات اليوم
يا ابنتي الكريمة،
كوني كما أرادك الله: جوهرة مصونة لا سلعة معروضة،
فما نُهيتِ عن التبرّج إلا لتُحفظي، وما أُمرتِ بالحجاب إلا لتُكرّمي.
قالت السيدة الزهراء (عليها السلام) لأبيها المصطفى صلى الله عليه وآله حينما سألها وهو العليم 
أي شئ خير للمرأة؟ قالت: أن لا ترى رجلا ولا يراها رجل. فضمها إليه وقال: ذرية بعضها من بعض.(٤)
وهذا الحديث يشير إلى اعلى درجات الحياء والعفة هي كلمة جامعة لمعنى الستر والعفاف، لا بمعنى الانعزال، بل بمعنى السموّ والهيبة التي تحفظ للمرأة كرامتها في كلّ زمان.

خلاصة لفهم مصطلحات العفة والحياء 
•    الحياء أصل العفّة.
•    العفّة جوهر الإيمان.
•    الحجاب صونٌ لا سجن.
•    الانفتاح الحقيقي في الفكر لا في السفور.
فلنربِّ بناتنا على أن العباءة على الرأس رفعة، لا تقليدًا قديمًا، وأن ستر الزينة هو أبهى زينة، وأن من تمسّكت بحيائها فقد سبقت زمنها لا تأخرت عنه. والحمد لله رب العالمين 

   زاهر حسين العبدالله
المصادر :
(1)    ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٧١٧.
(2)    وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ١٦ - الصفحة ٣٦.
(3)    الكافي - الشيخ الكليني - ج ٥ - الصفحة ٣٢٥. 
(4)    بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٣ - الصفحة ٨٤.

نعم
هل اعجبك المقال