لم تكن الانتفاضة الشعبانية حدثا عابرا في تاريخ العراق بل كان نقطة مفصلية في تاريخه، فحدثت فيها حوادث كثيرة رواها من عاشها ومن شاهدها ومن كتب عنها ولو بشيء قليل من الذكرى.
قاسم كريم شخص من أهالي المسيب اعتقل في بداية ثمانينيات القرن المنصرم بتهمة التبعية الإيرانية، ووضع في سجن أبو غريب مدة من الزمن تجاوزت الثمان سنوات، وبعد خروجه من السجن، لم يجد المأوى لأن بيته قد اغتصبه أحد ضباط الأمن، وأهله قد سفروا إلى إيران، فذهب إلى أحد أصدقائه ممن كانوا معه في السجن -وقد خرج منذ مدة- فأعانه على معيشته وبقي حتى عام 1991م، ففي وقت الانتفاضة كان قاسم في قضاء (عون) التابع لكربلاء، وحدث الهجوم على المدينة وعلى القضاء وقائد الجيش (حسين كامل) يقصف مدينة كربلاء بالدبابات وشاهد قاسم بعض أفراد الجيش المنهزم من المنتفضين كما شاهد عملية الهجوم على كربلاء وكذلك عمليات دخول البيوت واعتقال أهلها، وفجأة جاء أحد رجال الأمن إلى السيارة وطلب من قاسم النزول منها والذهاب معه، فنزل قاسم وذهب مع رجل الأمن في سيارات حمل (لوريات) وسيق الجميع إلى معسكر الرضوانية، وهناك فتحت الأبواب ووقف اثنان من جلاوزة النظام وبيدهم عصي غليظة وكل فرد ينزل من السيارة يسألونه عن اسمه وعشيرته ومن ثم يضربونه ويسبونه وعشريته، عندها انتبه قاسم إلى هذه المسألة ولما جاء الدور له سألوه عن اسمه ومكانه وعشيرته فأجابهم بأنه (جنابي)-وهو ليس جنابيًا لكنه لديه علاقات من الجنابيين بحكم المنطقة التي سكن فيها في المسيب- فلم يضربوه كون أحد الجلاوزة من العشيرة ذاتها، عندها قام رجل الأمن بسؤال قاسم أنه إلى أي بيت ينتمي من عشيرة الجنابيين وكيف جيء به، فأجابه قاسم على سؤاله، وأنه جيء به عنوة فهو ليس من المنتفضين، وبهذه الحيلة تخلص قاسم من الضرب ودخل السجن مع الداخلين.
وذكر قاسم أنه ومجموعة من المعتقلين عرضوا على المشخصين الذي يشخصون من كان مشاركًا في الانتفاضة أو لا، وفي إحدى المرات تم تشخيص أحد المعتقلين وأعدمه حسين كامل بمسدسه وامام الجميع وهذا الحدث كان قاسم شاهد عيان عليه، وبعد خمسة عشر يوما خرج من السجن.