نقل سالم الألوسي قصة بشأن الشيخ عبد القادر الجيلاني وأصله مع تحقيق الدكتور مصطفى جواد في هذه المسألة، إذا إن الرئيس أحمد حسن البكر في بداية حكمه، طالب إيران باسترجاع رفات (هارون الرشيد)، كونه رمزًا لبغداد في عصرها الذهبي، وذلك بدعوة وحثّ من الأستاذ عبد الجبار الجومرد الوزير السابق في عهد عبد الكريم قاسم، ولكن إيران امتنعت، وبالمقابل طلبت استرجاع رفات الشيخ عبد القادر الكيلاني، كونه من مواليد كيلان إيران، وعندها طلب الرئيس من العلّامة مصطفى جواد، بيان الأمر، بدأ باستقصاء بعض الكتب القديمة وأعطى الرأي في ذلك بقوله: (إن المصادر التي تذكر أن الشيخ عبد القادر مواليد كيلان إيران، مصادر تعتمد رواية واحدة وتناقلتها بدون دراسة وتحقيق، أمّا الأصوب فهو من مواليد قرية تسمى (جيل) قرب المدائن، ولا صحة كونه من إيران أو أن جدّه اسمه جيلان) وهو ما أكده العلّامة حسين علي محفوظ في مهرجان جلولاء الذي أقامه اتحاد المؤرّخين العرب وكان الآلوسي حاضراً أيضاً سنة (1996م)، وفعلاً أخبرت الدولة الإيرانية بذلك ولكن بتدخل من دولة عربية.
هذه الحادثة القصيرة تسلط الضوء على واحد من علماء العراق الأعلام ومن المحققين في التراث العربي غاية التحقيق والتدقيق، ومن ذوي الآراء السديدة في هذا المضمار وهو العلامة الكبير واللغوي البارع مصطفى جواد، وإليك شيء من حياته.
اسمه ومولده:
هو(مصطفى بن جواد بن إبراهيم، المعروف بـ(أسطة جواد) الذي كان خياط ألبسة في سوق الخياطين ببغداد)([1])، وُلد في بغداد في محلة (عقد القشل)([2])، وقد اختلف في تاريخ ولادته فقد ذكر أنّه وُلد في (1904م) وهذا ما يرجع إليه البكّاء([3])، أمّا سلمان هادي آل طعمة فقد ذهب إلى أنّه وُلد في (1905م)([4])، وهناك رأي يقول أنّه ذكر ولادته في (1907) أو (1908م)([5])، وكلّ ما ذُكر من تواريخ تكاد تكون متقاربة وعلى هذا يكون المترجَم له وُلد خلال العقد الأول من القرن العشرين والراجح لدينا أنّه وُلد في سنة 1904؛ لأنّه أغلب من ترجم له يقف عند هذا التاريخ([6]).
دراسته:
أكمل دراسته في (دلتاوة) في لواء ديالى وكان عمره آنذاك سبع سنوات ثمّ أدخله والده إلى المدرسة الحكومية، بعدها دخل دار المعلمين لمدة ثلاث سنوات حتى تخرج منها معلماً([7]).
بعدها (انخرط في سلك طلبة البحث العالي إلى مصر عاماً واحداً، ثمّ إلى فرنسا لإكمال دراسته العليا بجامعة (السوربون) بباريس)([8]).
هذا ويكاد أغلب من يترجم له يسرد الترجمة نفسها مع تغيير بسيط في العبارات معتمدين بذلك على ما رواه معاصروه أو ما كتبه هو عنه نفسه في رسائله أو أحاديثه ولقاءاته، إلّا أنّ هذه الترجمات معظمها لم تركّز على الجانب الشعريّ لدى مصطفى جواد، وبعض منها لم يذكر له ديواناً شعرياً سوى مجموعة شعرية أسماها (الشعور المنسجم)([9]) ولم يعثر على نسختها على حد علمنا.
أما مؤلفاته فمنها:
- سيّدات البلاط العباسيّ (1950م).
- المباحث اللغوية في العراق (1960م (.
- خارطة بغداد قديمًا وحديثًا (مع الدكتور أحمد سوسة وأحمد حامد الصرّاف).
- دليل خارطة بغداد (مع الدكتور أحمد سوسة).
- دليل الجمهورية العراقية لسنة (1960م) مع (محمود فهمي درويش وأحمد سوسة)
- رسائل في النحو واللغة آخر كتاب طبعه (1969م).
- كتاب (قل ولا تقل).
- دراسات في فلسفة النحو والصرف و اللغة و رسم الخطّ ([10]).
وهذا إن دل فهو يدل على علمة هذا الرجل وشغفه بتراثه وتاريخه ولغته فضلاً عن تتبعه المستمر للوصول الى الحقائق العلمية الرصينة .
وفاته:
توفي في سنة 1969م ودفن في مقبرته في وادي السلام في النجف الأشرف([11]).
([1]) مصطفى جواد حياته ومنزلته العلمية: عبد المطلب البكّاء:11.
([2]) ينظر: أعلام من بلادي، سلمان هادي آل طعمة: 108 وينظر: مصطفى جواد للبكّاء:11.
([3]) ينظر: مصطفى جواد للبكّاء: 11.
([4]) ينظر: أعلام من بلادي: 108.
([5]) ينظر: مصطفى جواد فيلسوف اللغة العربية: فؤاد الدجيليّ: 34.
([6]) ينظر: معجم المؤلّفين والكتاب العراقيين: كوركيس عوّاد: 7382.
([7]) ينظر: لغة العرب: ج6 ع9 646.
([8]) ينظر: تاريخ القزوينيّ: جودت القزويني: 29150.
([9]) ينظر: لغة العرب: ج6 ع9 646.
([10]) هكذا عرفتهم: جعفر الخليليّ: 389.
([11]) موسوعة أعلام وعلماء العراق: حميد المطبعيّ: 765.