السائل:
السلام عليكم أحبتي الكرام...
نحن دائماً نقول إن الله جميل ويحب الجمال... إذن فإن الله جميل والجمال الرباني ينعكس على كل شيء جميل، أي إن الله جل وعلا جميل في كل شيء، وعليه فالمفروض نحب لقاءه وهو الموت.
وإليكم السؤال للموضوع:
طالما أن الله جميل ويحب الجمال، ونحن كبشر نحب الجميل والجمال، إذن السؤال هو: لماذا نخاف من الموت؟ لماذا نخاف من الآخرة؟ مع أن الله جل وعلا يطلب من الإنسان أي عمل صالح ولو بمقدار أنملة حتى يدخلنا الجنة، يطلب منا أي عمل ولو بسيط حتى يدخلنا الجنة، ومع هذا نحن نخاف من ملاقاة الله جل وعلا، لماذا؟
الجواب بسمه تعالى
لماذا نخاف من الموت؟ تعال لنفكر فيما وراء الموت على النفس البشرية. ستجد أن الموت له معنى آخر يتشكل في عدة نقاط منها:
١- ليس الخوف هنا من ذات الله سبحانه وتعالى، والمتصف برحمته ومغفرته، بل الخوف ناتج من عدم الاستعداد المناسب لهذا اللقاء الحتمي بالواحد الأحد الفرد الصمد، بأن يأتي صفر اليدين.
٢- لعدم وجود الزاد لهذه المرحلة الحتمية المتصورة بصورة الموت، كما ورد في المناجاة: "آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظيم المورد" (نهج البلاغة - خطب الإمام علي عليه السلام - ج ٤ - الصفحة ١٧).
٣- للحسرة التي يشعر بها الإنسان بسبب ما فرط من فرص كانت ستنفعه في هذه اللحظات العصيبة، مثل الصدقة، وقضاء حاجة مؤمن، أو تقصير في بر الوالدين، أو لعدم السفر لله سبحانه، أو لرسوله وأهل بيته عليهم السلام.
٤- كثرة الذنوب والمعاصي تظلم الطريق أمام أعين الناس، وتنسى الجمال الحقيقي الرباني للحق سبحانه وتعالى، وتجعل الرين على القلب، فتحجب النور الساطع الذي يرجوه كل مؤمن لرضوان الله سبحانه. تأمل المناجاة الشعبانية: "اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ إِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها إِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ إِلَى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ أرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِك" ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٣ - الصفحة ١٩٠٦.
السائل:
ما شاء الله أستاذ زاهر..
جميل جداً جوابكم وحاب أضيف تعليقاً وأعلق بسؤال.
الموضوع جميل أبو كميل.. أحسنت..
ولكن ذكرت فيه نقطتين: أولاً الجمال وحب الجميل، وربما قصدت الجميل من الأفعال والأعمال. والنقطة الثانية الخوف من الموت، وهذا أمر يرتبط بالحالة النفسية في داخل كل إنسان ومدى استعداده للآخرة. فأنت تواجه مصير لا تعلم ما هو. فهل يدرك الإنسان موقعه إلى أين يذهب؟ فمهما كان جهاد الإنسان لنفسه سيكون لديه خوف من التقصير، خوف من النقص الذي يشعر به. تقصير في العمل، تقصير في الإيمان، تقصير في طاعة الله، وتقصير في العمل بشرائع الدين ونهج الرسول.
فالدنيا بزلاتها كيف تجذب كل إنسان وكيف تسقطه في شرها.
فحتماً الخوف يكون ملازماً للنفس اللوامة، التي تخاف من تقصيرها، تخاف أن تقف أمام الله بنقصانها وجهلها وضعفها.
التعليق هو على جواب الأستاذ زاهر
بعض الحسرات أستاذي العزيز لا يلتفت لها الإنسان إلا بعد أن تذهب من يده ولا رجوع لها، مثل فقدان الوالدين. فكثير من الناس ملتزم بصلاته ودينه لكنه مقصر في حق والديه، ولا يلتفت إليهما إلا بعد فوات الأوان، بعد أن يواريهما الثرى.
الجواب: إضافة روحية
جمال الله سبحانه وتعالى وجلاله يراه قلب الواله والعاشق إذا وقف بين يدي الله سبحانه وتعالى وترك الدنيا ومتاعها وتعلق بالمحبوب الواقعي صاحب النعمة والفضل والعطاء والمن.
إذا ذقنا حلاوة المناجاة بدموع سافحة وقلب منكسر ومتذلل خاشع.
إذا وجد الإنسان أنه لا ساتر وغافر ولا جابر ولا رازق ولا معطي ولا مُعز ولا أنيس ولا صديق ولا حبيب ولا راحم ولا جمال مطلق إلا ساحة قدسه وسبحات وجهه وأظلال غوثه وإمطار بركته.
إذا ناجينا الله سبحانه وتعالى باعترافه على ما قدمت أيدينا، كما في دعاء عرفه لمولانا الإمام الحسين عليه السلام حين يقول نيابة عنا: "أنا الذي أخطأت، أنا الذي أغفلت، أنا الذي جهلت، أنا الذي هممت، أنا الذي سهوت، أنا الذي اعتمدت، أنا الذي تعمدت، أنا الذي وعدت، أنا الذي أخلفت، أنا الذي نكثت، أنا الذي أقررت، أنا أنا أنا أنا... حتى ينقطع النفس من التقصير."
إذا أدرك الإنسان أنه عاجز عن شكر الله وعاجز أمام كرم الله ولطفه ورحمته.
الحديث عن الله سبحانه وتعالى طويل ولا ينفعه لساني الكال العاجز المليء بالذنوب والمعاصي أن يصل إلى معدن العظمة فيه ليصل إلى عز قدسه سبحانه.
المعذرة لك يا رب من سوء فعلي وإساءتي وظلمي لنفسي ثم لأخوتي المؤمنين والمؤمنات.
السائل:
جزاكم الله خير الجزاء.
الجواب :
الشكر لله سبحانه ونسأل من الله التوفيق والقبول .