إن إقامة مجالس العزاء في داخل السجن لم تقتصر على الرجال فقط، بل كان للنساء نصيب منها، لأنها كانت –أي المجالس- نوعا من التحدي للظلم ونوعا من التمسك بما اعتاد عليه الأحرار من أبناء هذا البلد.
تقول الدكتورة عطور الموسوي:
(السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى العباس والسيدة زينب وعلى أهل البيت جميعا، في اثناء تواجدنا في السجن الذي هو عبارة عن بيت تابع لأحد الأشخاص الذين تم تسفيرهم إلى إيران، ففي أثناء وجودنا في صالة البيت كنا نقرأ الأدعية او الزيارات بهمس لئلا يسمع صوتنا ضابط الدائرة ومن ثم يقول بتعذيبنا وضربنا، وكانت أكثر قصيدة نرددها ونحسن أنها تمثلنا هي قصيدة (يا حسين بضمايرنا) فضلا عن أن بعض الأخوات كن يحفظن مجموعة من الأدعية والزيارات واللطميات وأشعار النعي فيرددنها بيننا، وهذا هو نوع من المواساة وإقامة العزاء على الحسين عليه السلام.
وبعد انتقالنا إلى سجن الرشاد الذي يتألف من مجموعة قاعات وأقسام، وقسم الأحكام السياسية هو القسم الثالث، فنحن كنساء كنا نصر على إقامة العزاء على الحسين عليه السلام ولبس السواد وتعليق بعض الشعارات التي لها مساس بقضية الإمام الحسين، حتى النساء اللاتي كن معنا في السجن وهن من غير خطنا الديني، يشاركننا في العزاء وهذا فيه دلالة على أن الحسين وقضيته هي من القضايا التي لا نقاش فيها، حتى أن ليلة العاشر من كل عام كانت ليلة حزن حقيقي يخيم على السجن وعلى النزيلات فيه فلا كلام سوى الزيارة والبكاء وتذكر قصة الإمام الحسين عليه السلام، وقراءة بعض اللطميات، فهكذا كانت القضية الحسينية في داخل سجون النظام).