البحث المتقدم

البحث المتقدم

لا نبكي على أم البنين!

0 تقييم المقال

 

ما أن يطرق سمعنا اسم؛ أم البنين،، عليها السلام، حتى تقشعّر ابداننا، وتهيج عواطفنا، فنستذكر مصابها الأليم بأولادها الأربعة، وقبلها؛ وفائها الاستثنائي للصديقة الزهراء، بحزنها الشديد على مصاب الإمام الحسين، عليه السلام، قبل الحزن على أولادها، فتنساب العواطف مع الدموع على شكل طقوس وممارسات يلتزم بها الكثير من المؤمنين في العالم، كلها تحمل اسم أم البنين؛ “سفرة أم البنين”، “الفاتحة لأم البنين”، والتوسّل بها الى الله ـ تعالى- في الشدائد بما جربه الناس منذ الازمان الماضية، وكيف أنها تشفع في قضاء أعظم الحوائج.

نجد من حقنا، كمؤمنين موالين لأهل البيت، عليهم السلام، ومحبين لأم البنين، أن نتقرّب اليها ـ بعد الله- بدموعنا السخينة، وتعاطفنا الجيّاش مع مصابها ومشاعرها، فنطلب بما لديها من منزلة عند الله لقضاء حوائجنا، ومن حقنا ايضاً أن نعرف من هي هذه المرأة أساساً، وهي ليست من أهل بيت رسول الله، صلى الله عليه وآله، إنما تبلورت شخصيتها بزواجها من أمير المؤمنين، و وبرز دورها الخاص في واقعة الطف؟

أم البنين، عليها السلام، قبل أن تكون عنواناً للمصيبة، والدموع، والعواطف، هي سلوك، وآداب، وتهذيب للنفس، وإيمان، ثم وفاء، وتضحية، إذن؛ فهي دين وأخلاق كونت شخصية فاطمة بنت حزام الكلابية، تلك الفتاة العربية السمراء التي تميزت بين مئات الفتيات في المدينة آنذاك، فكانت جديرة بأن تكون زوجة لأمير المؤمنين، عليه السلام، وأن تلد له أبطالاً يخلدهم التاريخ، ويكونوا أحد أهم أركان القضية الحسينية.

⭐ أم البنين، عليها السلام، قبل أن تكون عنواناً للمصيبة، والدموع، والعواطف، هي سلوك، وآداب، وتهذيب للنفس، وإيمان، ثم وفاء، وتضحية

نحن نبكي على أم البنين إجلالاً وإعجاباً بشخصيتها، وهذا يعني بالضرورة أن نسعى للاقتداء بهذه الشخصية واتخاذها نموذجاً في حياتنا، وإلا ليس من المنطقي أن يُظهر شخصاً اعجابه بشخص آخر وهو غير مقتنع به، وربما يتقاطع معه في الثقافة والسلوك والعقيدة!

فهل يصحّ ـ والحال هكذا- أن تهيج عواطفنا وتفيض عيوننا بالدموع، ثم تتحرك أقدامنا نحو أماكن، أو نقوم بأعمال وممارسات تتعارض ومنهج أم البنين في الحياة؟

أم البنين، عليها السلام، اليوم في أعلى عليين، تحظى بمنزلة رفيعة عند رب كريم، وليست بحاجة الى بكائنا بقدر ارتياحها عندما تكون حياتنا كلها إيمان وأخلاق وتفضيل مرضاة الخالق على مرضاة المخلوق، فان روحها تكون سعيدة، وتفخر بنا كمؤمنين ومحبين لها يوم القيامة، وربما هذا يزيدها فخراً واعتزازاً بين المقربين عند الله، والعكس يكون بالعكس قطعاً.

لذا أجد من الجدير أن نبكي على انفسنا أولاً؛ كمرحلة أولى لإعادة الحسابات فيما نحن عليه، لنكون على طريق تهذيب النفس الذي مضت عليه أم البنين وهي فتاة صغيرة، وحتى نكون على طريق الإيمان الذي مضت عليه هذه السيدة العظيمة وهي تنهل من عظمة أهل البيت، في بيت الزوجية، حينئذ تكون علاقتنا بأم البنين حقيقية، وتواسلاتنا بها مستجابة. إنها شفيعتنا الى الله، هذا صحيح، والصحيح ايضاً أن نحمل معنا الآنية الطاهرة والنظيفة لنأخذ ما نريد من هذه السيدة العظيمة، أليس كذلك؟

نعم
هل اعجبك المقال