البحث المتقدم

البحث المتقدم

نهاية الحرب الإيرانية – الإسرائيلية.. صواريخ طهران تُسكت تل أبيب

4 تقييم المقال

 

لم تكن حرباً عابرة في خضم صراعات الشرق الأوسط المتكررة، بل لحظة فاصلة كتبت ملامح مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة. الحرب الإيرانية – الإسرائيلية لم تدم طويلاً، لكنها كانت كافية لإحداث زلزال استراتيجي ضرب قلب تل أبيب وامتد صداه إلى واشنطن وعواصم القرار العالمي.

إيران، التي واجهت طوال العقود الماضية حرب العقوبات والضغوط السياسية والتهديدات المتكررة، خرجت من صمتها العسكري فجأة، لتُظهر وجهاً جديداً مختلفاً تماماً، وجهٌ مسلحٌ بتكنولوجيا صاروخية متطورة، دقة إصابة عالية، أنظمة تشويش متقدمة، وعقيدة قتالية لا تعرف التردد.

لم يكن الأمر مجرد رد فعل، بل خطة مدروسة كانت تنتظر اللحظة المناسبة لكشفها، وكانت المفاجأة أن الكيان الإسرائيلي لم يكن مستعداً لهذا النوع والقوة من الحرب.

ما إن بدأت الهجمات الصاروخية الإيرانية حتى تعطلت أنظمة الدفاع الإسرائيلية، وانكشفت هشاشة القبة الحديدية أمام صواريخ دقيقة ومدمرة.

الضربات طالت المدن الكبرى، القواعد العسكرية، البنية التحتية الحيوية، والمطارات الاستراتيجية.

في المقابل، لم تجد إسرائيل ما ترد به سوى الصراخ في الإعلام وطلب الدعم العاجل من الولايات المتحدة والمناشدة الدولية.

الصدمة لم تكن فقط في الداخل الإسرائيلي، بل في واشنطن نفسها، الإدارة الأميركية فوجئت بحجم التطور الإيراني، وخصوصاً في جانب الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى.

الصور القادمة من الداخل الإسرائيلي، وتصريحات المستوطنين الغاضبة، والاحتجاجات على فشل الحكومة في الحماية، كلها كانت كفيلة بدفع الولايات المتحدة إلى مراجعة موقفها بشكل فوري.

كان من الواضح أن استمرار الحرب سيكون خطأً استراتيجياً كارثياً. فالإدارة الأميركية تعلم جيداً أن إيران على بعد خطوات قليلة من امتلاك القدرة النووية الكاملة، مع معلومات استخباراتية تؤكد وصول نسبة التخصيب إلى 60%، وفشل الأجهزة المتطورة في تحديد أماكن المنشآت النووية الإيرانية المنتشرة بعناية تحت الأرض والجبال. كل صاروخ يسقط على تل أبيب كان يقرب اللحظة التي يمكن فيها لطهران إعلان نفسها دولة نووية، وهذا كان خطاً أحمر لا تستطيع واشنطن تحمله.

الخطر الأكبر لم يكن على إسرائيل وحدها، بل على القواعد الأميركية المنتشرة في الخليج. القواعد في قطر، البحرين، والكويت تعرّضت لهجمات موجعة بنفس الدقة التي استُهدفت بها الأراضي المحتلة. هذه الضربات دقّت ناقوس الخطر داخل البنتاغون، وبدأ الحديث بجدية عن خروج الأمور عن السيطرة إذا استمرت المواجهة.

في خضم هذا التصعيد، ظهرت مؤشرات دعم روسي مباشر لطهران.

موسكو، التي تخوض معركة مفتوحة مع الغرب في أوكرانيا، أعلنت عبر إعلامها الرسمي وقنواتها الدبلوماسية أنها لن تترك إيران وحيدة في هذه المعركة، الرسالة وصلت واضحة: أي محاولة لإسقاط طهران بالقوة ستقابلها موسكو بقوة مضادة، مما يعني أن الحرب لم تعد إقليمية، بل مرشحة لأن تصبح عالمية.

الحديث عن تدخل بري بدا مستحيلاً.

 فكل الجنرالات يعلمون أن إيران ليست العراق ولا أفغانستان، التضاريس الجبلية، الكثافة السكانية، البنية التحتية تحت الأرض، والأهم من ذلك، العقيدة القتالية التي يحملها الشعب الإيراني، تجعل من أي اجتياح بري مغامرة مدمرة، في حال أُعلنت فتوى بالجهاد كما حدث في العراق عام 2014، فإن مئات الآلاف، بل الملايين، سينخرطون في مواجهة مفتوحة، لن تستطيع القوات الأميركية أو حلفاؤها احتوائها.

خلف كل هذا، كان هناك وعي عالمي جديد يتشكل.

محور دولي صاعد تقوده إيران وتدعمه روسيا، وتراقبه الصين وكوريا الشمالية وباكستان، كلها قوى نووية أو مرشحة لذلك، ما يعني أن أي اعتداء على هذا المحور سيؤدي إلى إعادة تشكيل النظام الدولي من جديد، وربما بوسائل عسكرية.

وهنا، اتخذ القرار.

 أوقفت الحرب بطلب أميركي مباشر، وموافقة إيرانية بشروط ضمنية.

إسرائيل خرجت من المعركة مكسورة الهيبة، مشوشة الرؤية، مهزوزة الثقة، أما إيران فقد خرجت أقوى مما دخلت، وأكدت للعالم أنها قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها، بل يحسب لها ألف حساب.

لقد انتهت الجولة الأولى، لكنها ليست النهاية.

ما حدث أعاد تعريف مفهوم الردع، وكشف للعالم أن القوة لا تُقاس فقط بعدد الطائرات والدبابات، بل بإرادة القتال، واستعداد الشعوب، وتراكم التكنولوجيا، والعقيدة التي لا تلين.

الشرق الأوسط لن يعود كما كان، والكيان الإسرائيلي، الذي كان يتفاخر بتفوقه العسكري والاستخباراتي، أصبح اليوم بحاجة إلى ترميم معنوي قبل العسكري.

أما إيران، فقد أثبتت أنها لم تكن تهديداً للمنطقة كما يدّعي خصومها، بل خصماً شرساً لمن يجرؤ على استفزازها.

وكما قال أحد المحللين الغربيين: "لقد قاتلت إسرائيل إيران لعقود في الظل، لكنها حين واجهتها في الضوء... خسرت كل شيء".

لذلك خطرة في بالي اية قرآنية "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه..."

هؤلاء هم الذين صمدوا، قاتلوا، وانتصروا في حربهم على الظالمين.

نعم
هل اعجبك المقال