البحث المتقدم

البحث المتقدم

حروب التأثير الرقمي .. من يحرك خيوط عقول العالم

0 تقييم المقال

في أول دراسة أكاديمية لبرنامج التدابير النشطة في الحقبة السوفييتية، يشرح ريتشارد شولتز وروي جودسون كيف قام السوفييت بتنمية عدة أنواع مختلفة ممّا يُسمّى "عملاء التأثير"، بما في ذلك الفرد غير المتعمّد ولكن المتلاعب به، و"جهة الاتصال الموثوقة"، والعميل السري المتحكَّم به.
قد يكون الفاعل صحفيًا، أو مسؤولًا حكوميًا، أو قائدًا عماليًا، أو أكاديميًا، أو قائدَ رأي، أو فنانًا، أو منخرطًا في عدد من المهن الأخرى. الهدف الرئيسي من عملية التأثير هو استغلال منصب الفاعل – سواء في الحكومة، أو السياسة، أو العمل، أو الصحافة، أو أي مجال آخر – لدعم وتعزيز الظروف التي ترغب الجهة المهاجِمة في استفزازها.
أعطني دقائق من وقتك لأشرح لك: ما هي حروب التأثير؟
هي صراعات تستخدم من خلالها جهات أو حكومات التكنولوجيا الرقمية من أجل التأثير في الرأي العام، أو لفت انتباه الجمهور إلى أهداف معيّنة يعتقدون أنها مهمة، من أجل صرف نظرهم عن أمور يفترض أن تكون حقيقية.
تستغل هذه الأنواع من الهجمات نقاط الضعف البشرية أكثر من الهجمات التكنولوجية، وتستغلّ الأبعاد النفسية والعاطفية كالخوف، وعدم اليقين، والتحيزات المعرفية.
أهداف التأثير الرقمي
تسعى بعض الجهات إلى التلاعب في قناعات أو معتقدات جهة أخرى، فتعتمد على استراتيجيات حرب التأثير وتكتيكاتها، وهي أكثر من مجرد تلاعب بالمعلومات؛ إذ يمكنها أن تشمل تغيير سلوك الحشود، أو دفعهم للحاق برَكْبٍ معين، أو التصعيد في الرأي، وغيرها من الوسائل التي يُمكن من خلالها استفزاز الهدف لإحداث استجابة عاطفية تتغلّب على أي فكر أو سلوك عقلاني.
ومن أبرز أهداف حروب التأثير: إنشاء معتقدات وسلوكيات مصطنعة لدى الجهة المستهدفة، من خلال التشكيك وتقويض القناعات الأصلية حول قضايا محددة. كما تهدف أيضًا إلى تعطيل التماسك المجتمعي، وإضعاف الثقة بالمؤسسات، مما يؤدي إلى خلق حالة من الانقسام والطائفية داخل المجتمع الواحد.
ويُستخدم لتحقيق ذلك شبكات التواصل الاجتماعي، ومقاطع الفيديو، والتنمّر الإلكتروني، وإعادة نشر المعلومات بصيغة استفزازية، بهدف خلق التعاطف، أو الخوف، أو تشكيل أهداف مزيّفة للأفراد، تجعلهم يعتقدون أنها تمثّل أولوياتهم، بينما تكون في حقيقتها مجرّد أدوات لصرفهم عن قضاياهم الحقيقية.

تسليح المعلومات
تعتمد هذه الحرب على ما يُعرف بـ"تسليح المعلومات"، من خلال التوكّل الكامل على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن شركات الإنترنت تقوم على "اقتصاد الاهتمام "، الذي يرتكز على المحتوى الأكثر انتشارًا وتفاعلًا، سواء أكان هذا المحتوى صحيحًا أم خاطئًا، أخلاقيًا أم غير أخلاقي، حقيقيًا أم زائفًا؛ المهم أن يُثير التفاعل ويحقق إعادة نشر.

اللاوعي كساحة معركة
إنّ أخطر ما في الأمر أننا قد نمتلك قناعات، وأفكارًا، وأهدافًا ندافع عنها ونؤمن بها، لكننا إذا بحثنا عن أصلها، قد لا نجد لها أي حقيقة أو مرجعية، وإنما تم اكتسابها عبر التسلل إلى وعينا من دون أن نشعر.
اليوم، إذا تصفّح شخصٌ خمس منشورات تتحدث عن قضية معينة، فسيكوّن رأيًا تجاهها، دون أن يدرك أنه تعرّض لعملية تأثير ممنهجة.
حقًا… مخيف أن يشعر الإنسان بأنه دميةٌ مربوطة بخيوط.

نعم
هل اعجبك المقال
مواضيع اخرى للناشر