اطلتُ التفكير في استقصاء هذه العلاقة، نظرت إليها ملياً بمنظارها الالهي، حاولت ان ارمق لها علاقة الشمس بالقمر او العكس، كيف لها ان تكون بهذا التناغم والتجانس العظيم داخل نظام هذا الكون الشاسع؟!
ندرك ان القاعدة الاساسية للقرآن الكريم هي إنه يجري كما تجري الشمس والقمر لا يتوقف عند زمان او مكان معين.
من مبدأ قول الإمام علي "عليه السلام"
(إن القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لاتفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلاّ به)
القرآن الكريم يتقبل كل التفاسير ما لم تُخرج النص من قدسيته.
ما هي علاقة القرآن بالحسين ع؟
وما هي علاقة الحسين بالقرآن الكريم؟
القرآن الكريم هو الرسالة الخاتمة التي تقف على رسالات السماء في اصلاح المجتمع الإسلامي، وان نهضة الامام الحسين ع هي نهضة الاصلاح الحقيقي.
كربلاء هي مدرسة الاصلاح الحقيقي فيها تجلى القرآن وتجلت رسالة السماء الخاتمة، الاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء.
حيث قال الامام الحسين ع عندما توجه نحو كربلاء قال
(لم اخرج اشراً ولا بطراً وانما خرجت لأطلب الاصلاح في امة جده رسول الله)
لو افترضنا ان لم تكن كربلاء، ولا يحدث يوم عاشوراء، و لم ينهض الامام الحسين ع للاصلاح، ماذا حصل وما حالنا الآن؟
وما هي كمية الفساد الذي نعيشه إلى يومنا هذا؟
بأي مرسى سينتهي امر هذا الامة الخاتمة؟
ما حصل في محرم هو اعظم درس قرآني لتربية الإنسان.
لولا الحسين ع وآل بيته لرأينا الأمة الاسلامة بلا تربية، لانجرفت إلى منحدر يرثى له من الفساد.
لا يمكن ان نفهم القرآن حق فهمه بدون كربلاء
ولا يمكن ان نفهم كربلاء بدون القرآن؛ الأن الادوار التي قدمها الحسين ع حاولت ان تترجم القرآن الكريم.
الله كتب والحسين عمل به، القرآن دليل اثبت حقيقة الحسين، هناك ارتباط وثيق بين سبط الرسول (ص) وكتاب الله الحكيم.
يقول الإمام الصادق"عليه السلام" : (اقرأوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم فإنها سورة الحسين عليه السلام).
حتماً الآن اغلبنا يتسائل لماذا سورة الفجر تحديداً وماهي العلاقة الوطيدة بين هذا الكائن النوراني وبين وحي الله تعالى؟
حتى أن جميع الآئمة استباحوا على أن سورة (الفجر) هي سورة الإمام الحسين (عليه السلام)
حيث يبدأ الله قوله في سورة الفجر بالقسم (واليالٍ عشر) تمثل عشرة محرم، وهي العشرة المختصة بالحسين ع، فالوارد في اللغة العربية الواو هنا تستخدم للقسم.
هذا التفسير مذكور في روايات الشيخ هيثم البحراني.
اختلف المسلمون على تفسير ايام القسم في سورة الفجر في فمنهم من قال انها ايام التشريق في الحج، ومنهم من قال انها عشرة ذي الحجة، وغيرهم قال انها العشر الأوائل من أيام شهر رمضان!
ولكن كل ذلك لا يثبت امام نهاية السورة التي تتحدث عن النفس المطمئنة.
فما علاقة أيام التشريق او العشر الأوائل من شهر رمضان بذلك؟
بعد ان ختم الله تعالى كلامه بقوله(يا أيتها النفسُ المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية).
الحسين هو المصداق الاهم لهذه الآية.
فقد عاش الامام الحسين(عليه السلام) ابشع المصائب في كربلاء، ولم يتلفظ لحظة في طلب الماء، نفسه المطمئنة وروحه المطيعة تقتضي أن تجري مشيئة الله سبحانه وتعالى كما اراد الله.
ولما نظر إلى الجيش الزاحف وتأمل به طويلاً، وهو لم يزل شامخ كالطود العظيم، قد اطمأنت نفسه وهانت دنيا الباطل في عينه، وتصاغر الجيش أمامه فكان وأصحابه كما قال فيهم:
(لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا، يتهافتون على ذهاب الأنفس)
ربط تضحيات الحسين مع نهاية الأية خير دليل لنجزم بأن سورة الفجر هي سورة الحسين ع ، وكأن الله تعالى اراد ان يبلغنا بأن الأيام العشر بعد فجرها الأخير صعدت روح مطمئنة إلى ربها وهي مضمخة بدماء الشهادة..
و كما للقرآن صلة بالحسين، كانت للحسين علاقة متينة مع القرآن الكريم منذ صباه استمد نور بصيرته من شمس القرآن الكريم، واحد المواقف في معركة الطف بعد ان بذل جاهه وماله وعياله في سبيل الله ولأجل ترسيخ القرآن في صدور المسلمين، قال في يوم تاسوعاء لا نقاتل اليوم او الليلة، وانما نؤجل القتال الى يوم عاشوراء، فقالوا الجنود لماذا يا ابا عبد الله؟
قال: ( نريد الصلاة لله وتلاوة كتابه)
(عظيم هذا الحسين) كيف يتذلل لله بعد انحلال جسده، والعطش الذي فطر كبده وسط تلك الصحراء القاحلة، والرعب المسيطر على قلوب الاطفال والنساء!
من الاهم القتال ام الصلاة وتلاوة القرآن، بالطبع العبرة في القرآن وبيان مدى اهمية الرسالة التي يحاول الحسين جاهدا في إيصالها.
لولا القرآن لما فهمنا الحسين ع، ولولا الحسين لما فهمنا القرآن الكريم..