البحث المتقدم

البحث المتقدم

حبيب النجار في كربلاء

0 تقييم المقال

 

قد تصطبغ بعض  الحقول  بلون واحد؛ الابيض، الاصفر، الزهري او الارجواني! هذه الوحدة نبتت عن تكرار مهول لنموذج زهري يقصي العقل، ابتدائا، عن النظرة الاحادية ليستغرق في نظرة شمولية  موحدة.
 فالتكرار يعطي ثماره حال اجتماعه في بقعة واحدة وضمن سياقات مترابطة لينتقل بنا رويدا رويدا نحو الاستغراق في تفاصيل ذلك المشهد وحيثياته الخصبة.
وهو مايحصل تماما في المشاهد والحوداث المتكررة التي يعرض لها القرآن الكريم!
تقول اخصائية علم النفس الدكتورة مارغولس:"أن عملية التكرارتسمح لنا بتركيز انتباهناعلى ما يحيط بنا، فعلى سبيل المثال هناك شخص يردد على مسامعنا نفس الكلمة عدة مرات في نفس الوقت بعد دقائق من هذه العملية نلاحظ أن القيمة المعنوية للكلمة قد اختفت وبدأ تركيزنا حول   المقاطع اللفظية والصوتية"
كما وتبين الكثير من الدراسات التحليلية  للسيرة النبوية ان النبي محمد صل الله عليه واله كان يعتمد اسلوب التكرار لغرض التوكيد والافهام مراعاة لاختلاف مستويات الفهم والاستيعاب لدى الجمهور المتلقي.
عندما نقرأ القرآن الكريم تتكرر على مسامعنا وتتشكل في أذهاننا صور لحوادث متكررة استولت على تاريخ امم متعددة على نحو مطرد! فالحياة وفق المنظور القرآني عبارة عن منحدر جبلي خطير،  لذلك نجده زاخر بعلامات ا!ة ررذذلتحذير وصور الحوادث التي صهرت مجتمعات عامرة فصارت هباءا منثورا!
لماذا؟
لانهم اغفلوا الاعتبار بمن سلف واعرضوا عن نصح الصالحين الهداة المهديين فاستهوتهم وحدة المشهد ولم يلحظوا التفاصيل 
لاحظوا هذه العبارات التي وردت على لسان شخصيات ممميزة كان لها حراك موجي مؤثر  في التأريخ الانساني:
"وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُهْتَدُونَ"(يس:20 )
"وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ۖ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ " (غافر 28 )
"قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ"(القصص 20 )
اوليست عبارات متكررة وقد سمعناها سابقا على لسان اناس عاشو في القرن ٦١للهجرة وعرفوا فيما بعد بالانصار!
كانوا علماء وفقهاء وحفظة لكتاب الله المجيد من الصحابة وخلص التابعين.
فلماذا تكرر هذا المشهد القرآني حتى بعد نزول القرآن الكريم؟
وكأن حبيب النجار ومؤمن ال فرعون كانا حاضرين في الطف ولكن بشخوص ومسميات مختلف.
فتلك العبارات القرآنية بما يتخللها من مفاهيم ولائية مخلصة انسابت من صفحات القرآن الكريم لتحط الرحال على لسان انصار ابي عبدالله (عليه وعليهم  السلام) 
"واضرب لهم مثلا اصحاب القرية اذ جاءها المرسلون"
لطفا ورحمة من رب العالمين لهداية الامة
"فكذبوهما"!!
هذه السنة القرآنية التاريخية العظيمة وهي سنة تكذيب الانبياء والمرسلين، والتي كانت حاضرة وبقوة في كربلاء عندما خذلوا  سبط رسول الله، لم يلحظها او يفهما سوى نفر قليل من الصحابة والتابعين من الذين قرأوا كتاب الله بعين البصيرة وقرنوه بواقع الحال، فبادروا لنصرة داعي الله خشية ان يعمهم الله بالعذاب ان تخلوا عن هذا التكليف الشرعي، 
وهم مصداق واقعي  لسنة تأريخية قرآنية رحمانية؛ سنة الدفع والتدافع "وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ على العالمين "البقرة ٢٥١
فأولئك الانصار العاشورائيون قد  جنبوا الامة نزول العذاب الاستئصالي ،والذي كان يعم الامم السابقة حين يتخلون جميعهم عن الانبياء والمرسلين ويجحدون الايات البينات،
فكان العاشورائيون عناصر فاعلة في تطبيق سنة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. في قبالة التيار المعاكس!
فكم وعظوا وكم جادلوا وكم نصحوا لكن القوم استغشوا ثيابهم ووضعوا اصابعهم في آذانهم "بل ران على قلوبهم بما كانوا يكسبون"
فنالوا الشهادة صابرين محتسبين "قيل ادخل الجنة قال ياليت قومي يعلمون بما غفر لي رب وجعلني من المكرمين"
فلا غرابة ان يجمعهم بقائد النهضة سلام واحد. لانهم برعوا في تشخيص القيادة الشرعية وهو الامام مفترض  الطاعة! (يا قوم اتبعوا المرسلين).
وشخصوا خصائصاها الثابتة (اتبعوا من لايسألكم اجرا وهم مهتدون)
وشخصوا حقيقة الوجود وحتمية المعاد (ومالي لا اعبد الذي فطرني وإليه ترجعون* ءأتخذ من دونه الهة آن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا هم ينقذون)
حين ابصروا بأعينهم كيف ان امامهم وضع نفسه وما يملك في تصرف الحق سبحانه، "رضا الله رضانا اهل البيت"
لم يتوانوا عن وضع انفسهم في تصرف امام زمانهم وحجة الله في ارضه!
فعاشوراء صورة قرآني

علي الخباز, [18/07/2023 03:03 م]
Um Hawra Al Nadaf, [١٩/٠٨/٢٠٢٢ ١١:٥٣ ص]
ة حية وسنة تأريخية ناجزة تنبعث من اعماق العصور بصوت حبيب النجار سواءا في انطاكيا او في كربلاء يا قوم "اتبعوا من لا يسألكم اجرا وهم مهتدون"!
عسى ولعل ان يتجه المجتمع  
نحو رؤية تفصيلية اشد  وضوحا واكثر عمقا، بعيدا عن الرؤية الشمولية الغامضة.


المصادر
١-السنن التاريخية في القران ، سيد محمد باقر
 الصدر( قدس سره)
٢-التكرار في علم النفس، د. مارغوليس
٣-ايات مباركة من سور يس

نعم
هل اعجبك المقال
مواضيع اخرى للناشر
أعلى المقالات قراءة للناشر