بهدف إتاحة منصة غنية للنقاش وتبادل الأفكار بين الباحثين العراقيين والباحثين في الوطن العربي والعالم و لإحداث تطورات إيجابية في المجال الطبي ، أقامت الجامعة التقنية الوسطى المؤتمر العلمي الدولي السادس للتخصصات الصحية والطبية ، وهذا المؤتمر تحول لتقليد علمي يتكرر انعقاده كل سنتين ، وفي نسخته السادسة ( الحالية ) استقطب المؤتمر مشاركات من اغلب الجامعات العراقية والمراكز البحثية المتخصصة وعددا من جامعات الدول العربية والدولية ( مصر ، سوريا ، كندا ، روسيا ، ماليزيا ، الهند ، السويد ، الولايات المتحدة الأمريكية ) ، وضمت محاوره ( العلوم الطبية السريرية و العلوم الصحية والتمريضية و العلوم الأساسية وعلاقتها بالطب ) ، وبلغ عدد البحوث المقدمة ( من داخل وخارج العراق ) 234 بحثا وتم اختيار 183 منها لإلقائها في جلسات المؤتمر التي تمتد ليومين ، والبحوث المشاركة ستنشر في المجلات العلمية الرصينة ضمن المستوعبات العالمية scubas ) ) ، ويأتي انعقاد المؤتمر ضمن نهج الجامعة في تأكيدهاً على أهمية البحث العلمي ودوره المحوري في تحقيق النهضة العلمية والتنموية في المجتمع للإسهام في تحسين مستوى الخدمات الصحية والطبية المقدمة لعموم المواطنين ، ويتم التركيز على البحوث التقنية ذات الطابع التطبيقي في المجالات الصحية والطبية وتعزيز الكفاءة المهنية في هذا المجال الحيوي ، وقد حظي المؤتمر برعاية معالي وزير التعليم العالي ، فضلا عن اهتمام قيادة وتشكيلات الجامعة التي حققت دخولاً مشرفاً في 21 تصنيفاً عالمياً ومحلياً منها تصنيفات "التايمز" و"شيماكو" ، ولا تزال تواصل مسيرتها نحو التميز العلمي عبر دعم النشر العلمي وتعزيز البحث التطبيقي في المجالات كافة ، وعن مسارات وخطط الجامعة قال رئيسها الأستاذ الدكتور وضاح عامر حاتم التميمي ( أن الجامعة التقنية الوسطى تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤيتها الاستراتيجية للتطوير والتأهيل ، مستندة إلى دراسة مستفيضة واستعدادات علمية مدروسة ، لتبقى في طليعة المؤسسات التعليمية التي تسهم في بناء مجتمع صحي ومؤهل ، ونحن على ثقة بان التوصيات والمخرجات التي سيتم التوصل إليها خلال هذا المؤتمر تمثل خطوة مهمة نحو مواجهة التحديات الصحية وتحقيق المزيد من التقدم في مجالات الطب والرعاية الصحية ) .
وتأتي المشاركة الواسعة بأعمال المؤتمر من حيث عدد الدول او من حيث كم ونوعية البحوث كثمرة من ثمار الجهود التي بذلتها وتبذلها اللجنة العلمية وبقية اللجان الساندة ، وقال الأستاذ الدكتور لطيف عيس علوان رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر وعميد المعهد الطبي التقني / بغداد ، إن التواصل و الاتصالات الواسعة استمرت مع الجامعات المحلية والدولية لإعداد بحوث مميزة ضمن محاور المؤتمر ، وتلك الجهود سوف لا تنقطع لأنها بحالة من الاهتمام والتنسيق للإعداد للمؤتمرات واللقاءات العلمية التالية خاصة في المجال الطبي لسببين ، الأول إن هناك نهضة علمية واسعة في مجال البحوث الطبية العلمية وتطبيقاتها لابد من مواكبتها و الاستفادة من نتائجها ، وفي الوقت نفسه نعطي الفرصة للإبداع والابتكار والتميز الذي تشهده البحوث المحلية من هذا النوع التي ينجزها الباحثون في العراق ، وبذلك تنشا جسور للتعاون والترابط والتكامل بما ينعكس على الإنسان أينما يكون ، والثاني هو لتغطية الحاجة لمواكبة الحالات المرضية وسبل ومعالجتها او الوقاية بما ينعكس على محتاج الخدمات الصحية ، فبعض الأمراض والحالات والظواهر تتغير وربما تتعقد وبذلك تحتاج إلى مواكبة وتعاون للتصدي لها باستخدام التقنيات الحديثة من المعرفة والأجهزة والمستلزمات الطبية الوقائية و العلاجية ، آخذين بنظر الاعتبار التسارع العلمي الحاصل في العالم في وضع الاكتشافات الحديثة والمبتكرة لتحسين الواقعين الطبي والصحي ، لذا فان بحوث المؤتمر تناولت تلك التحديات ومن الممكن للتوصيات أن تعزز الواقع السائد ، فبعض البحوث اهتمت ( مثلا ) بإدخال الذكاء الاصطناعي في مجال القطاع الطبي والبعض الآخر يجمع و يدمج بين الطب و مختلف العلوم .
ولتعزيز ما ذكر في أعلاه فقد شهد المؤتمر عروض و فعاليات أخرى ، ومنها إقامة معارض للأجهزة و للمستلزمات العلمية والطبية من قبل الشركات والمكاتب الطبية والعلمية المحلية والعالمية ، حيث عرضت تقانات حديثة في مجال رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف أنواع المشكلات التي يعانون منها في مجال التشخيص وأخرى للتأهيل والعلاج وصناعة الأطراف والمساند وأجهزة مساعدة ، ومعروضات كثيرة تعطي الأمل لذوي الاحتياجات للتعويض كلا او جزءا لما فقدوه للكثير من الحالات ، كما عرضت أجهزة ومتحسسات مربوطة بحواسيب في مجال تشخيص أمراض العيون والبصر وطرق معالجتها وتوفير الفرص لمن يعانون من أمراضها وأعراضها ، وشهدت المعارض وجود أجهزة تشخيصية وعلاجية ومساعدة في مجال صناعة الأسنان وتقويمها واحدث المبتكرات في التشخيص والمعالجة بما يتيح استخدامها داخليا في مختلف القطاعات ، ومن الأمور التي أثلجت صدور ممن تابعوا تلك المعروضات هو الإسهام الفاعل و الكبير لخريجي المعاهد والكليات الطبية التقنية في بغداد والمحافظات في ابتكار او صناعة تلك المعروضات وتحولهم من طلبة إلى مبتكرين وصناع يعرضون ما توصلوا إليه ، إلى جانب المهارة العالية التي يتمتعون بها في الاستخدام وبشكل يبرهن بان مخرجات التعليم التقني الطبي قد أعدت أثناء دراستها بالشكل الصحيح من الناحيتين النظرية والتطبيقية ، وإذ يسجل للمؤتمر إيجابا مشاركة البحوث والدول العديدة فانه والتطور الذي احتوته المعارض المقامة على هامشه ، فان ما يضاف لذلك ما شهد من إقبال واسع في الحضور والمناقشة وفي مختلف الفعاليات ، فقد حضره الأستاذ الدكتور ياسين العيثاوي نائب رئيس لجنة الخدمات الصحية في مجلس النواب كما حضره عددا من رؤوساء الجامعات ومساعديهم وعمداء الكليات والمعاهد ، فضلا عن الباحثين والتدريسيين والمدربين التقنيين وطلبة الدراستين الأولية والعليا ذات العلاقة باختصاص المؤتمر ، كما شهد حضور وإسناد مهمين من قبل الجامعات والكليات الأهلية ( الفراهيدي ، النسور ، المأمون ، مدينة العلم ، الكوت ، الهادي ، المعارف ) بما يؤكد ويعزز وحدة التعليم الحكومي والأهلي في تحقيق الأهداف العلمية وفي مختلف المجالات .
وان اهتمامنا بتسليط الأضواء على هكذا نشاطات ، يهدف للتعريف بما يتم انجازه في الجامعة التقنية الوسطى وبقية الجامعات وبما يدحض بعض ما يردده البعض بان التعليم الجامعي عندنا في حالة سكون ، فالحق يقال انه بحالة من الاستمرار و التقدم تصل في حالات معينة للريادة والتميز رغم بعض الظروف المادية وغير المادية التي تواجه التعليم ، واغلب جامعات التعليم العالي في العراق دخلت في العديد من التصنيفات العالمية وبعضها حصلت على ترتيب مطمأن يوازي ما تشهده الجامعات الخارجية رغم الفارق الكبيرة في الإمكانيات والظروف ، وسوف نزيد من اهتمامنا من تسليط الأضواء على الحالات الحقيقية المشرقة والمشرفة في الجامعات ، لأنها بحالة أمل والتحفيز والدعم مطلوب لكي تواكب ما يجري من تقدم علمي عالمي ، لم نقول إننا في أفضل الحالات والأحوال ولكن جزءا من الأهداف تتحقق وان إدامة واستمرار المتحقق سيكسر حالة السكون ويجعل جامعاتنا الأقرب للأمنيات ، والجامعات هي مصانع للأجيال تصقل فيها القدرات والرغبات الشابة لخلق جيل متسلح بالعمل والإصرار الوطني على الإسهام في بناء البلاد ، وتلك العوامل مهمة لكي يطلق الإنسان مكنونه من الطاقات عندما تتاح الفرصة لذلك ، والمؤتمرات الجادة والرصينة كالذي شهدناه في الجامعة التقنية الوسطى يؤكد توافر الطاقات والدوافع لتحقيق أكثر من المستطاع .
ملاحظة : أسهمت الإعلامية إسراء الطائي بتزويدنا بتفاصيل عن المؤتمر