البحث المتقدم

البحث المتقدم

دولار المسافرين .. بالجوي مسموح وبالبري محجوب

0 تقييم المقال

السفر .. هو الانتقال من مكان لآخر لأسباب متعددة ( السياحة ، العمل ، زيارة الأقارب ، الدراسة ، الهجرة ، العلاج ، غيرها ) ، ويتم بوسائل مختلفة ( المشي ، السيارة ، الطائرة ، أو القطار ) ، وسبحانه وتعالى أعطى للسفر أهمية واستثناء عندما أجاز للمسلم تأجيل الصوم خلال أيام السفر من قوله في القران الكريم (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ - البقرة : 184 ) ، وقد أوصى رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم بالسفر من قوله في الحديث الشريف ( سافروا تصحوا ، وجاهدوا تغنموا ، وحجوا تستغنوا ) وقال أيضا ( سافروا ، فإنكم إن لم تغنموا مالا أفدتم عقلا ) ، وقد كفل دستور العراق لعام 2005 حق السفر للمواطن كونه جزءا من الحريات ، والسفر بموجب ما ورد أعلاه لم يصنف لغرض التمييز باستخدام الوسيلة المستخدمة فيه ، ولكن البنك المركزي العراقي يميز بين السفر جوا وبرا فتجيز تعليماته منح حق تصريف الدينار العراقي إلى الدولار للمسافرين جوا ويحجب ذلك عن المسافرين برا . وتلك التعليمات تسمح لكل مسافر جوا تحويل ما يعادل 3000 دولار لكل حالة سفر من الدينار العراقي بسعر الصرف الرسمي المعتمد في المصارف ( 1 الدولار = 1320دينار ) عندما يكون السفر جوا وللدول غير المشمولة بالحظر ، وبموجب تلك التعليمات فان التحويل يتم من خلال معاملة تتضمن تقديم جواز السفر مؤشر عليه سمة الدخول ( الفيزا ) وبطاقة السفر بالطيران ، وبعد إيداع مبالغ التحويل في المصارف والمكاتب المجازة يقوم المسافر باستلام استحقاقه من الدولار عند آخر بوابة في المطار وقبل ركوب الطائرة ( البور دنك ) ، وحجة البنك المركزي من تلك التعليمات هو المحافظة على الدولار وعدم استخدامه للمتاجرة داخل البلاد ، وتلك الحجة يعول عليها في حجب التحويل للدولار للمسافر برا حيث يسود الاعتقاد بان سياقات المطارات رصينة في الحفاظ على تسليم دولار المسافرين وان السفر برا لا يضمن سلامة تلك الإجراءات . ووجهة النظر هذه نحترمها ولكنها قابلة للنقاش من عدة مسوغات ، أولا لان السفر هو حق مكتسب ولا يمكن حجب مزاياه عند التمييز جوا وبرا لان هذا التمييز ينتقل أثره من الوسيلة إلى الأفراد و لا يجوز التمييز على هذا الأساس ، ثانيا إن الدولار من حقوق المواطنين كافة لأنه من نتاج تصدير ثرواتهم من النفط لذا فمن حق أي مواطن الحصول على الدولار ، ثالثا إن التعامل بالدولار ليس ممنوعا في العراق وهو ساري علنا بمختلف التداولات ويستخدم في عدة منافذ من قبل العموم ، رابعا إن التخوف من الاتجار بالدولار لا يبرر المنع لان المسافر جوا من حقه أن يتصرف بما تبقى لديه من دولار بعد العودة من السفر للبلاد تجارة او ادخار ، خامسا إن مجموع ما يمكن تحويله للمسافرين جوا وبرا وبحرا لا يشكل إلا نسبة ضئيلة جدا مما يبيعه البنك المركزي من الدولار لمختلف الأغراض فمبيعاته اليومية 200 مليون دولار وحجم التحويل لا يتجاوز 3 ملايين دولار ، سادسا إن تعليمات البنك المركزي بحجب الدولار عن المسافرين برا هي من تشجع الاتجار بالدولار لأنها تجعل المسافر برا تحت الاضطرار لشراء ما يحتاجه للسفر بالسعر السائد في الأسواق . ونشير بهذا الخصوص ، إن السفر برا خيارا يلجا إليه الكثير جبرا او بالرغبات فقد يكون وجوبيا تبعا للحالات الصحية التي ينصح بها الأطباء ، او قد يكون من حالة الفوبيا لغير المتمكنين بالطيران او للراغبين بالسفر بتكاليف واطئة تبعا لحالاتهم المادية ، او قد يكون من الرغبة في التمتع بمزايا السفر البري في مشاهدة المناظر والتعرف على الأماكن هنا او هناك ، ويعتقد الكثير إن حجب التصريف عن المسافرين برا يعد خرقا واضحا لحقهم كونهم مسافرين وهم لا يقتنعون بحجة البنك المركزي في عدم الشمول ، فإدارة البنك باستطاعتها إن تجد وسائل للرقابة على التحويل برا فلديهم جواز وفيزا وبطاقة سفر وهم سيعبرون بوابات حدودية رسمية يمكن أن يطبق فيها ما يطبق على المسافرين جوا ، كما إن هناك عدة حلول يمكن ولوجها بهذا الخصوص ومنها اعتماد تأشيرة المغادرة والعودة لغرض إثبات صحة السفر وبدونها يغرم المسافر قيمة التحويل في السفرة التالية ، والدعوة مفتوحة للجميع في العمل على رفع الحجب عن التحويل للمسافرين برا ، اخذين بنظر الاعتبار إن التمسك بتعليمات التحويل للمسافرين تعد وسيلة إدانة للسلطة المالية في بقاء أسعار الصرف خارج حدودها الرسمية ، فالفرق الذي ينشده المسافرون بين 1320 دينار والسائد في الأسواق يشير لحجم الفجوة في عدم تنفيذ القرارات الاتحادية التي حددت أسعار الصرف !! .
 

نعم
هل اعجبك المقال