البحث المتقدم

البحث المتقدم

الخبز والصمون يشهدان الاختراق في الأسواق

0 تقييم المقال

 

الخبز والصمون من المكونات المهمة في موائد العراقيين ، والعراقيون يختلفون عن العديد من الشعوب في اعتماد هذين  المكونين في اغلب وجبات الطعام ، وتلك الحقيقة يدركها الجميع وبسببها تم إدخال الدقيق  ( الطحين ) ضمن مفردات البطاقة التموينية التي طبقت  منذ 35 عامًا ولحد اليوم ، والقياس المستخدم بهذا الشأن تخصيص ( 9 )  كيلو غرام من الطحين  لكل فرد شهريا  محسوبا بأساس استهلاك 300 غرام يوميا بما يعادل 3 أرغفة من الخبز أو الصمون بزنة 100 غرام للواحدة  ، وعلى افتراض قيام العوائل بشوي الخبز في المنازل بالتنور أو الأفران وغيرهما فإن الاكتفاء  الذاتي يتحقق بدون تكاليف مرهقة للجميع ، ولكن واقع ليس كذلك فالكثير من العوائل تعزف عن توفير ما تحتاجه لعدة أسباب  ، وبالأخص الحضر الذين يشكلون أكثر من 70 % من السكان   ( حسب إحصاء 2024 ) ، لذا يتم  الاعتماد على تدبير الاحتياجات من الخبز والصمون بالشراء من المخابز مباشرة أو من الأسواق ، ولأن الطحين الموزع في الحصة التموينية سيتحول لفائض لذا يتم استبداله بالخبز أو بيعه للراغبين بالشراء .

ومع إن ذلك خيارا اتخذته العائلة دون ضغط أو توجيه ، إلا أن كثيرًا من العوائل يشكون التلاعب بقوتهم اليومي من الخبز والصمون سواء ما يتعلق بالأوزان أو الأسعار ، فالجهات الرقابية في وزارة التجارة تستهدف أن يكون الوزن  90 - 100 غرام وذلك تطبقه على منتجاتها التي لا تسد الحاجة إلا لنسبة قليلة  من المستهلكين ، وفي ظل غياب  مقياس محدد في الأسواق لمنتجات الخبز والصمون  فان  الواقع الميداني لأوزانها بحدود  70 – 80 غرام  ، و بمقياس 1000 دينار ( الصمون يباع 8- 10 ، الخبز الأبيض يباع 4-5   ، خبز الشعير يباع 3-4 ) وتتفاوت بذلك المخابز والأفران حسب المناطق ،  وما يؤشر بهذا الخصوص عدم وجود مقياس ثابت ومعلن  ومحدد للأوزان والأسعار ، إذ يتم التلاعب بهما استنادا لعوامل عديدة منها تغير أسعار الدقيق ( الطحين ) في الأسواق ومدى جودة الطحين الموزع ضمن الحصة التموينية ،  وفي أحيان كثيرة مستويات أسعار السلع الأخرى التي ترتبط بأسعار صرف الدولار ، وفي بعض الحالات  يتأثر ذلك بأزمات توفير الوقود من الغاز السائل والنفط الأبيض والكهرباء  لاعتمادها  في صناعتي الخبز والصمون .

ولأن الوضع الحالي يسود باعتماد نسبة مهمة من السكان على الخبز والصمون من الأسواق  ، فان العديد من التساؤلات تطرح بشان أسباب الغياب الملحوظ لدور الأجهزة المعنية في الرقابة والتوجيه  بشأن التجاوزات ،  وما هي أسباب عدم قيام وزارة التجارة باعتماد أوزان وأسعار معروفة ومعلنة  وملزمة للجميع ، فأغلب دول المنطقة تعتمد معايير بهذا الخصوص فهي موجودة في الأردن وسوريا ولبنان ، وفي مصر  يكون وزن الرغيف العربي 62.5 للصغير و125 غرام للكبير وسعرهما  ثابت من قبل وزارة التجارة او التموين ، وعدم وجود المعايير والأسعار يترك المجال لأصحاب تلك الصناعة بالتلاعب ، فمرة يتلاعبون بالعدد فعدد الصمون يجعلوه 8 وقد يصل إلى 6  ، وإذا التزموا بالعدد فقد يتلاعبون بالأوزان ، فيصغر الحجم  بشكل واضح ، وينطبق الأمر ذاته على الرغيف حين يتم التلاعب بالسمك ( الثخن ) حيث تبدوا وكأنها ورقة من الصحيفة ( الجريدة ) ، وكل ذلك يخاف قوله تعالى في القران الكريم ( وَيَٰقَوۡمِ أَوۡفُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ (هود :85) .

وحينا تسأل أصحاب المخابز والأفران عن أسباب التلاعب والتغيير ، فهم يجيبون بأنهم عرضة للتأثر بحركة  الأسواق فلا دعم لهم بأي شكل من الأشكال ،  فالطحين يشترونه من التجار والوقود من السوق  السوداء  ( بعد تحديد حصص المواطنين ) وأجور العمال مرتفعة لأن أغلبهم قادمون من خارج المحافظات التي يعملون بها ، وكل ذلك يدعوا للتساؤل أين خطط وزارة التجارة التي أطلقت من شهور وعودًا  بإعطاء الخيار للمواطن في استلام الطحين أو الخبز والصمون المنتج من أفرانها المنتشرة في عموم البلاد ؟ وإذا عجزت عن ذلك فلماذا لا تنظم شؤون المخابز وتوفر لهم الطحين والوقود وفرض الرقابة المطلوبة على الأوزان والأسعار ؟ ولأن ( خلك )  التجارة طويل في هذا المجال ، فإن المواطن يلتمس الجهات الرقابية في الدولة متابعة هذا الموضوع كونه يرتبط بمعيشة الناس ، ويخصون بالذكر أجهزة  الأمن ( الاقتصادي ، الوطني ، المجتمعي ) ، فتلك الجهات تملك تأثيرا وقدرات على التغيير وحققت نجاحات في العديد من المهمات .

 

 

نعم
هل اعجبك المقال