كان منتظرا أن تقوم القوات الجوية الصهيونية برد ما على قصف القوات اليمنية لحيفا بطائرة مسيرة اصابت هدفها بدقة، فقد شنت طائراته غارات على مخازن النفط والغاز، ومحطة الكهرباء، بميناء الحديدة، وفي اعتقاد القيادة الصهيونية أنها فعلت في عدوانها، ما سيوقف عزم اليمن على مناصرة غزة، لكن حساباتها ستسقط في الماء حتما، لمن عرف الشعب اليمني بتاريخه النضالي الكبير الموشح بالعز والإباء، اليمن في مواجهة أعدائه عنيد صلب لا ينثني مهما بلغت تضحياته.
هذا العدوان الذي اشتركت فيه القوات الأمريكية وتواطأت عليه دول الجوار كالسعودية كما أشار إلى ذلك المحلل العسكري العميد عبد الله الزبيدي اليمني(1) وهذا ما سيترتّب عليه من احتمالات ردّ ستكون مواقع سعودية مستهدفة في الرّدّ، حتى لا ننسى ما ارتكبته السعودية من عدوان على اليمن استمرّ 7 سنوات ونيّف، ولا أعتقد أنه انتهى بوقفه، فلا تزال تدخّلات الإمارات والسعودية قائمة في جنوب اليمن، تحرّك الشعب اليمني الجنوبي ( عدن)، وتدفعه لمعاداة إخوانهم في الشمال ( صنعاء).
مخطط أمريكي بأيدي إماراتية سعودية، سعى إلى إرجاع اليمن إلى مساره القديم، في الخضوع لسياسة هاتين الدولتين الخليجيتين، لتعود اليمن مهْيَعا لنزواتهما خاضعة لإرادتهما، التي هي بالأساس أمريكية صهيونية، فمن يقود مسار التطبيع والخيانة اليوم سوى هاذين النظامين، وما ارتكباه في اليمن من عدوان وجرائم بواسطة مرتزقة، جمعوهما من مختلف البلدان العربية كالسودان والأردن والمغرب ومصر، لا يمكن للشعب اليمني الحرّ الأبيّ أن ينساه، فأحداثه ونتائجه محفورة في ذاكرته لا تنمحي أبدا إلا بالرّدّ عليه، وسيكون الرّدّ قاسيا جدّا.
ذاكرة الشعب اليمني ليست قابلة للنسيان، وحافظته من بين الشعوب العربية قويّة كقوّة عزم أهله، وكيف يمكن لهذا الشعب أن عبد العزيز آل سعود استولى على ثلاث محافظات يمنية هي جيزان وعسيران ونجران سنة 1934، واستغلت السعودية نزاعها مع اليمن، لتتوسع في الربع الخالي بعد حرب استمرت سبع سنوات (1962/1969) ثم بعد إعلان استقلال جنوب اليمن من الإستعمار البريطاني سنة 1972، واثناء حرب أخرى - وما اكثر هذه الحروب - استولت السعودية على إقليمي الوديعة وشرورة اليمنيين.(1)
بالتأكيد فإن المملكة السعودية لها مصلحة في ان تكون أداة أمريكية بريطانية وفي خدمة الكيان الصهيوني، نظرا للخدمات الكبيرة التي قدّمتها بريطانيا وامريكا بعد ذلك لهذه الأسرة من أجل السيطرة على شبه الجزيرة العربية الحيوية في موقعها الإستراتيجي، المليئة بالنفط والغاز، وهذا ما جعلها دائما في خدمة المخططات والأهداف الأمريكية البريطانية الصهيونية، لا يمكنها أن تحيد عن ذلك المسار الخياني أبدا.
هذا من حيث الجانب التاريخي للأراضي اليمنية التي عملت السعودية طويلا على قضمها، وتسعى من اجل الهيمنة على بقيّتها لتخضعها الى مشيئتها بالتآمر عليها بواسطة عملاء الداخل، أو اشعال حرب عليها كعاصفة الحزم، التي لم تبلغ الحزم أبدا، طالما في اليمن رجال أحرار اشداء، يدافعون عن بلادهم من التغول الإماراتي السعودي، أما من جانب العدوان الصهيوني فإنّ الواجب قد دفع باليمن ( صنعاء) لأن تقف الى جانب إخوتهم في قطاع غزة، الذي يريد الكيان الصهيوني إبادته وإخراج أهله منه، فبادر اليمنيون الى تنفيذ خطّة استهداف السفن التجارية القاصدة موانئ فلسطين المحتلة، ونجحوا في شلّ النشاط التجاري، ما دفع بالإمارات والسعودية إلى استقبال تلك السفن وإفراغ شحناتها، ونقلها بطريق البر عبر الأراضي السعودية والأردنية إلى فلسطين المحتلة، وهذا منتهى الدناءة ومساعدة كيان صهيوني غاصب، لا يزال يمارس أبشع أعمال الإبادة والتجويع، وحرمان سكان قطاع غزّة من أبسط مقومات العيش، وسط مساحة لا تتجاوز 360 كلم2 (4)
هذا العدوان الذي حصل على محافظة الحديدة كان منتظرا وقوعه، من طرف قوات صهيونية تبيّن ضعفها، فالجيش الذي لا يقهر كدعاية، طالما تغنى بها الصهاينة بعد حرب الأيام الستة، أصبح عاجزا على السيطرة على قطاع صغير، حتى باستعمال ملايين الأطنان من الصواريخ والقنابل، الموجّهة ضدّ المدنيين الفلسطينيين سكان القطاع المنكوب، والتي لا تفرق بين طفل وامرأة وشيخ ومريض، دفاع وتخندق رأى أحرار اليمن وجوب القيام به تجاه اخوانهم، محسوب ضريبته التي استعدوا لتلقيها برحابة صدر وصمود وإباء كبير، من أجل رفع الحصار والعدوان والمعاناة عن إخوانهم في غزّة العزّة، هذه المواقف المشرفة هي درس بليغ لبقية الشعوب العربية والإسلامية، ومدعوّة لأن تقف صفّا واحدا من أجل رفع معاناة الفلسطينيين، فمن لم يهتمّ بأمور المسلمين فليس منهم.
لقد أصبحت المواجهة مفتوحة بين أحرار اليمن والكيان الصهيوني، والحساب متواصل ولن يتوقف مثلما يأمل الصهاينة ومن ورائهم حلفاؤهم الغربيون، وإنّما بالنزول عند الشرط اليمني المتمثل في وقف العدوان على قطاع غزة، أو بزوال الكيان الصهيوني، وترجيح زواله اليوم أصبح اكثر احتمالا من القبول بوقف مؤقت للعدوان، محور المقاومة سيكون بالتأكيد مساندا لليمن وغزة وهو محور لا يمكن تفكيكه ولا تجزئته في مثل هذه الظروف الحساسة، وهو محور قويّ مستعد ليس لتحدّي الكيان الصهيوني وحده، وانما حتى دول الغرب مجتمعة، وحقوق الشعب الفلسطيني سينالها بفضل الله وهذا المحور المبارك.
المراجع
1 – خطير محلل عسكري يمني: السعودية فتحت مجالها الجوّي للطيران الإسرائيلي وصنعاء ستدرس خيارات الردّ العسكري https://www.youtube.com/watch?v=LjZyVlVlvEs
2 – سنردّ وسنقابل التصعيد بالتصعيد .. أبرز ردود الفعل الحوثية على الغارات الإسرائيلية على محافظة الحديدة https://arabic.rt.com/middle_east/1584282-
3 – الحدود السعودية اليمنية https://ar.wikipedia.org/wiki/
4 – قطاع غزّة https://ar.wikipedia.org/wiki/