تقييم المقال
استطاعت العباءة العراقية أن تصون النساء وتحفظ حشمتهن لقرون من الزمن، وما تزال متحدية كل موجات السفور والابتذال التي عصفت بالبلاد، وامتثال النساء لهذا الملبس المحتشم هو خير دليل على التزامهن بالحجاب الشرعي، وانصهار تعاليم الإسلام في نفوسهن، وهذا الانصهار جعل الزي الإسلامي جزءًا لا يتجزأ من زي المرأة المسلمة، وتوارثت النساء هذا الزي جيلاً بعد جيل حتى أصبحت العباءة العراقية هي المتصدرة في الملبس لكثير من النساء، ولاسيما في محافظات الوسط والجنوب.
والعباءة العراقية هي أقرب شيء للجلباب الذي جاء ذكره في الآية القرآنية الكريمة {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورًا رحيمًا} كما جاء في لسان العرب في معنى الجلباب (الجلباب: وهو اللباس الواسع الذي يغطي جميع البدن، وهو بمعنى: الملاءة والعباءة، فتلبسه المرأة فوق ثيابها من أعلى رأسها مُدنية ومرخية له على وجهها وسائر جسدها، وما على جسدها من زينة مكتسبة، ممتدًا إلى ستر قدميها).
والعباءة العراقية أعظم بكثير من كونها قطعة قماش، بل لها قدسية خاصة في نفوس من ترتديها، فهي انعكاس لعفة المرأة وجوهرها وامتثالها لأوامر الدين الحنيف، فلا يمكن أن تقارن العباءة كسائر الملابس التي تلبس أحيانًا وتنزع أحيانًا أخرى، فالعباءة شعار لجملة من القيم، ولا يمكن للإنسان السوي أن يتخلى عن قيمه في مكان أو زمان معينين، ويقول الله ــ عزوجل ــ (ويدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) أي عليهن أن يقرِّبن جلابيبَهن من أجسادهن؛ حتى يعرفن أنهن من أهل العفة والورع والستر، ولا يطمع الذي في قلبه مرض من أهل الفسق فيؤذيهن.
ويحاول بعضٌ اليوم أن يحصر العباءة بفئة عمرية أو مناطقية، وهذا الشيء لا أصل له، فالعباءة هي امتثال لأمر الله (عز وجل) بوجوب الستر، ويؤكد علماؤنا الأعلام بأن العباءة هي خير مثال لتطبيق ضوابط الحجاب الشرعي؛ لأنّ العباءة بطريقة خياطتها ونوع قماشها وطوله، تحقق الغرض من الحجاب الذي يشترط فيه حجب الناظر عن مفاتن المرأة لا تغطيتها فقط.
والعراقيات على الرغم من ارتدائهن العباءة، قد عملن في أصعب المهن وأشقاها، فلم تشتكِ إحداهن يومًا من العباءة، ولم تكن يومًا عائقًا أمام العلم والدراسة والعمل، ولكن تأثر بعض النساء برياح التعري جَعلتْهُن يَضعْنَ ألف إشكال على العباءة.
فالعباءة العراقية ــ بلا شك ــ هي أعظم تطبيق للحجاب الشرعي، وهي تفوق مثيلاتها من حيث تطبيق مصداق الحجاب الحقيقي للمرأة المسلمة.
