عندما تقرأ في الكتب والمخاطبات القرارات الرسمية في دوائر الدولة تظهر أمامك هذه العبارة (وقد صادق عليه فلان) أو (وقد صدّق عليه فلان) وهذه معنى (وافق عليه أو أثبته) وهي متداولة بشكل كثير دون أن يلتفت إلى مدى صحتها أحد.
وفي قراءة لأحد المقالات التي نشرت في مجلة لغة العرب وجدت مقالا بهذا الصدد، أي بشأن مدى صحة عبارة (صادق عليه أو صدق عليه) فوجدت الإجابة هي بخلاف ما كان يعتقد أو ما هو سائر بين الكتاب وغيرهم، وهي أن (صادق عليه أو صدق عليه) ليستا صحيحتين، نعم، إنهما أخرجا من المعنى المعجمي (الصدق) إلى معنى آخر (الإثبات) ولكن المسألة ليست في المعنى بل في التركيب.
إليك بعض النصوص
فقد جاء في نهج البلاغة (ومَن أُعطي الاستغفار لم يُحرم المغفرة، ومن أعطي الشكر لم يُحرم الزيادة، وتصديق ذلك كتاب الله، قال الله في الدعاء: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)
وجاء في الإتقان للسيوطي (إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا، وتأتينا بمصادقة من كلام العرب).
وفي معجم البلدان لياقوت الحموي (وحكي عن بعض اليونان أن الأرض كانت في الابتداء تكفأ لصغرها وعلى طول الزمان تكاثفت وثبتت وهذا القول يصدقه القرآن لو أنه زاد فيها أنها ثبتت بالجبال)
فلو تأملت النصوص الواردة تجد (تصدق ذلك كتاب الله) و(بمصادقة من كلام العرب) و(يصدقه القرآن) ولا تجد عبارة (تصدق عليه، بمصادقة عليه، ويصدق عليه) بمعنى أن الألفاظ التي وردت لم تتعد إلى ما بعدها بحرف جر، فلم تقل العرب صادق عليه أو صدق عليه، لذا فالأفصح قولك: صادقه وصدقه (من باب التفعيل).
وبإمكانك أن تعطي مرادف هذه العبارات بقولك: أمضى المعاهدة أو أجازها أو أقرّها أو وافق عليها، فذلك أفضل من الإتيان بعبارة ليس فصيحة ولم تنطق بها العرب.