ورد سؤال عن لفظتي (أخصى وأخصائي) إلى الأب أنستاس ماري الكرملي عبر مجلته (لغة العرب) يقول: نسأل حضرة الأب أن يفيدنا رأيه في لفظة (أخصائي) التي شاع استعمالها في هذه الآونة كثيراً، ولفظة (أخصى) التي اشتقت تلك منها، أفلا يمكن أن تكون في الأصل فعل [أخص] ثم تحرف وانتقل من مادة خص إلى مادة خصي؟
فكان جواب الأب هو: ((لا جرم أن الأخصائي منسوب إلى (الإخصاء) مصدر (أخصى)، وهذه محولة عن (أخصّ)، والسلف كثيراً ما كانت تتخذ في كلامها مثل هذا التحويل، فقد قالوا: تقضّى في تقضض، وقصّى في قصص، وأغمي يومنا [أي دام غيمه] كما تقول: أغمت السماء أي صارت ذات غيم، وأغمي الخبر، استعجم وخفي، مثل: غمّ إلى غيرها وهي تعدّ بالعشرات،
وعلى كل حال نفضل (المتخصص) على كل لفظة سواها؛ لأن العوام والخواص يفهمونها وهي فصيحة، وإذا أريد اتخاذ لفظـة مـن الاختصاص فليقل صاحب اختصاص)، والجمع أهل الاختصاص أو أرباب الاختصاص، فنكون قد عبرنا عن فكرنا الواحد بكلمتين وهو مما يجب الاستغناء عنه إن أمكن، وهنا الإمكان متيسر لنا بقولنا (متخصص)، وأما الاختصاصي فلا تؤدي المعنى المطلوب تأدية حسنة، كما أن المخصي والإخصائي قبيحتان على السمع، فضلاً عن أن الإخصائي نسبة إلى الإخصاء المصدر وهي لا تفيد فائدة اسم الفاعل كما قلنا، وبعد هذا التصريح ليتبع الكاتب ما يطيب لذوقه، إذ أذواق الفصاحة تتفاوت في الناس تفاوت الناس في صورهم وخلقهم))([1]) انتهى.
أما كلمة (اختصاص) فهي ظاهرة واضحة على أنها مشتقة من الأصل (اختصّ)، وبعضهم لا يرى صحة في استعمالها كسابقتها، فالوجه الصحيح في ذلك قولنا (متخصّص، أو مختصّ) أي متفرّد في علم ما أو فن ما، كقولك: (متفنّن) لم أتقن فنًّا من الفنون.
وهذا هو الوجه الصحيح في الاستعمال، فنقول: طبيب متخصّص، أو طبيب مختصّ، فلا إخصْائي ولا أخصّائي ولا اختصاصي صحيح الاستعمال، ولو أن اختصاص فيه معنى التفرد فقال ابن منظور: ((خصص) خصّه بالشيء يخُصّه خَصّاً وخُصوصاً وخَصُوصِيّةً وخُصُوصِيّةً والفتح أَفصح وخِصِّيصَي وخصّصَه واخْتصّه أَفْرَدَه به دون غيره، ويقال: اخْتصّ فلانٌ بالأَمر وتخصّصَ له إِذا انفرد)) عندها أيضا لا يقال: طبيب اختصاصي، وإنما طبيب في اختصاص كذا كقولك: طبيب في اختصاص الجراحة العامة.
على أن الاستعمال الأكثر دقة ودلالة للاختصاص والتفرد هو (متخصّص ومختصّ) فهو أوفق للمعنى المراد.
([1]) الفوائد والمباحث اللغوية في مجلة لغة العرب: 2/456.