البحث المتقدم

البحث المتقدم

تداعيات الوضع الأمنيّ السوريّ وتأثيره على العراق

0 تقييم المقال

ترتبط سوريا مع جارها العراق في مجالات عديدة، لعل أهمها الارتباط الأمني والتعاون المستمر بين الجيشين العراقيّ والسوريّ أمنياً، فضلاً عن مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية، الذي يعدّ أمراً حيويّاً لمنع تسلل العناصر المسلحة إلى الأراضيّ العراقية، ومن ناحية أخرى الدور المهمّ الذي يلعبه البلدان عبر موقعهما الجغرافي المرتبط بشكل وثيق في منتصف الشرق الأوسط، الذي يعدّ حلقة وصل بين أغلب بلدان العالم؛ بسبب أهمية هاتين الدولتين وثقلهما السياسيّ والاقتصاديّ في المنطقة والتأثير المتبادل لكل منهما في الواقع السياسيّ.

باتت الأوضاع في سوريا في الآونة الأخيرة  تحمل تداعيات خطيرة وكبيرة ذات تأثير مباشر على العراق، والتي بدأت في المنطقة إبّان بدأ العدوان الإسرائيليّ على فلسطين، ونُقلت المنطقة إلى مرحلة جديدة، فظهرت الجماعات المسلحة وخلاياها النائمة الممولة من دول الغرب قبل وقت قصير، واجتمعت تحت مسميات مختلفة أبرزها (جيش الشام) أو (هيأة تحرير الشام)، بذريعة اسقاط النظام السوريّ وإنشاء حكومة إنقاذ وطنية، إلا أن هدفها الحقيقي هو زج البلاد في حرب أهلية دامية تقوم على تعدد الطوائف، متوجهين بذلك مع توجهات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي باتت تشكل المحور الثالث في سوريا.

إن تعدّد الجبهات في سوريا بات يشكّل تداعيات خطيرة على المنطقة أجمع وليس على العراق فحسب؛ بما يشكله من زعزعة للأمن وعدم استقرار في المنطقة، فضلاً عن ضرب المصالح الاقتصادية والتجارية بين بلدانها، ومما لا شكّ فيه أنّ كلّ هذه الأعمال والأحداث المتسارعة هي بغية إضعاف المنطقة وتقسيمها؛ حتى تكون سهلة المراس أمام كل من الكيان الصهيو-أمريكي المحتلّ وحلفائه، ويستمروا بنفوذهم وسيطرتهم على كل الدول العربية بما فيها دول المقاومة.

لقد استغلت الدول الاستعمارية الطامعة في خيرات البلدان العربية التنوع الطائفيّ والقوميّ في سوريا، فقامت بدعم وتحريض جهة على أخرى بحسب اقتضاء مصالحها وتوجهها المستقبليّ، فضلاً عن قيامها بتدريب وإدخال الجماعات الإرهابية إلى البلاد، مما أدّى إلى نشوب هذه الحرب الدامية، وأن ّما يحدث في سوريا اليوم هو نسخة طبق الأصل لما حدث في العراق سابقاً، بفعل النفوذ الإمريكي بدعم من الدول العربية التي لا ترغب الخير للعراق فأدخلت البلد في دوامة الحرب الطائفية، ثم تلتها الحرب الوجودية مع عناصر داعش الإرهابية، والتي كان  للمرجعية العليا (حفظها الله) الدور الكبير والمهم في الحفاظ على اللحمة الوطنية وعدم إراقة المزيد من دماء العراقيين، فوقفت لهم بالمرصاد للحيلولة دون تنفيذ مخططهم الطائفيّ المعادي للإسلام والمسلمين، ولا سيما أتباع أهل البيت (عليهم السلام) المتواجدين في جميع أرجاء العالم.

ومن أجل عدم تكرار سيناريو ما حصل في العراق، رفضت الحكومة العراقية أي تدخل لها في سوريا في ظل الوضع الراهن، ووقفت متابعة للأحداث عن كثب، مع دعمها للنظام الشرعي الحاكم، ورفضها تقسم سوريا إلى دويلات لتحقيق مطامع وغايات صهيونية-أمريكية، إذ قال الناطق باسم الحكومة العراقية: (إنّ بغداد لا تسعى إلى التدخّل العسكريّ في سوريا، موضحًا أنّ أمن سوريا القوميّ يؤثر على العراق، ومشدّدًا على أنّ تقسيم سوريا خط أحمر)، وأكّد وزير الخارجية العراقي: (على ضرورة حماية الأراضي العراقية وإبعاد بلده عن أي هجمات إرهابية)، تلته تصريحات المسؤولين العراقيين، ومن بينهم رئيس هيأة الحشد الشعبي إذ أشار إلى أنّ هذه الأحداث تشير إلى قلق متزايد من أن يؤدّي توسّع نفوذ المسلحين في سوريا إلى تهديد الأمن الإقليميّ، كما قال: إنّ سوريا تمثل العمق الأمنيّ للعراق، وأيّ خلل هناك ينعكس مباشرة على استقرار العراق، خصوصاً في المناطق الحدودية وبين أنّ الجماعات الإرهابية اليوم تحمل الأسماء نفسها التي حاربناها، ونينوى هي الميدان الأكبر الذي حارب داعش وغيره.

من ناحية أخرى قدّم الممثّل الخاصّ للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) إحاطة بشأن التطوّرات في العراق وقال: (العراق اليوم أكثر أمناً واستقراراً وأنّه قادر على تجاوز الأزمات ومواجهة التحديات نحو رسم مستقبل أكثر أمناً وإشراقاً، مشيدًا بنجاح الحكومة العراقية في ابعاد العراق عن محور الصراعات).

نعم
هل اعجبك المقال