البحث المتقدم

البحث المتقدم

معارف فاطمية -٧- (قراءة نفسية في خطبة السيدة الزهراء

0 تقييم المقال

   

  بعد أنْ تم بيان القراءة النفسية لخطبة الزهراء "عليها السلام" إجمالًا في الحلقة السابقة في أحد مقاطع خطبتها المتعلقة بتزكية النفس وطهارتها، ننتقل في هذه الحلقة إلى  تتمة هذه القراءة النفسية بإيجاز وبيان ما يتعلق بها وأثرها في حال الطمأنينة التي يعيشها المؤمن على مستوى الفرد والمجتمع، وآثار ذلك في بناء الشخصية الإسلامية.
 قالت الزهراء "عليها السلام": 
 (فجعل .. والعَدْلَ تَنسِيْقًا لِلْقُلُوْبِ) 
       إنَّ التأكيد في هذه الفقرة المباركة على بيان العلاقة الوثيقة بين (العدل وتنظيم القلب)، هو بيان لضرورة نفسية يحتاجها الإنسان بصورة عامة تتعلق بإحدى الحالات التي يمرُّ بها، وهو ما يتعلق بالعدل تجاه نفسه أو الآخرين، وآثار العدل في تنظيم العلاقات وترتيبها، والوصول بها إلى راحة النفس وحسن نظامها وكمالها.
فالعدل مسألة فطرية وعقلية تصبو إليه النفس، بل وتبحث عن تحقيقه عندما تكون هذه النفس في مرحلة النفس (اللوامة) ابتداءً، بل ويكون هو منهجها وكمالها عندما تكون في مرحلة النفس (المطمئنة)، وهذا السير التكاملي للنفس لا بُدَّ للمؤمن من أنْ يقطعه ويدوم فيه؛ حتى يصل إلى أعلى درجات الاطمئنان فيرتقي إلى حالة تكون فيها (راضية مرضية).
ولمَّا كان العدل مطلب نفسي وتكاملي للعقلاء، فالشريعة الإسلامية المقدسة حاولت في مفردات نظامها التكاملي لسعادة البشرية أنْ تؤكد عليه، والسيدة الزهراء (عليها السلام) أكدت في بيان واحدة من أحكام ذلك التشريع في العدل، بل الارتقاء إلى بيان فلسفة ذلك وعظمته وهو (تنسيق القلوب)، والتنسيق هو مراعاة تنظيم تلك المشاعر والأحاسيس التي يكون الإنسان فيها وعليها، ولا يخفى أثر عدم تحقيق العدل على القلوب، حيث الظلم وآثاره في أذى النفس، فالتنسيق بين قلوب الناس عامة، والمؤمنين خاصة وجمعها على حالة الطمئنينة وعدم الظلم من أهم الدعوات الإصلاحية والتنظيمة للشريعة المقدسة.
وهذه الفقرة هي من دواعي الفخر بالنظام الإسلامي الذي حافظ عليه أهل البيت (عليهم السلام)، بل ضحوا من أجله، والزهراء في ثورتها الإصلاحية تبيِّن ذلك للأمة غير ناظرة إلى زمان أو مكان معيَّنين، أو ناظرة إلى شخص معيَّن، بل ناظرة إلى الإنسان فضلًا عن الزمان والمكان، وفي ذلك أمور لا بُدَّ من الوقوف عندها لبيان ما يؤكد أهمية هذه القراءة النفسية ومنها:
معارف فاطمية -٧- 
 (قراءة نفسية في خطبة السيدة الزهراء "عليها السلام" تتمة) 
    بعد أنْ تم بيان القراءة النفسية لخطبة الزهراء "عليها السلام" إجمالًا في الحلقة السابقة في أحد مقاطع خطبتها المتعلق بتزكية النفس وطهارتهت، ننتقل في هذه الحلقة إلى  تتمة هذه القراءة النفسية إجمالًا وبيان ما يتعلق بها في  وأثرها في حال الطمأنينة التي يعيشها المؤمن على مستوى الفرد والمجتمع، وآثار ذلك في بناء الشخصية الإسلامية.
 قالت "عليها السلام": 
 (فجعل .. والعَدْلَ تَنسِيْقًا لِلْقُلُوْبِ) 
       إنَّ التأكيد في هذه الفقرة المباركة على بيان العلاقة الوثيقة بين (العدل وتنظيم القلب)، فهو بيان لضرورة نفسية يحتاجها الإنسان بصورة عامة تتعلق بإحدى الحالات التي يمرُّ بها وهو ما يتعلق بالعدل تجاه نفسه أو الآخرين، وآثار العدل في تنظيم العلاقات وترتيبها والوصول بها إلى راحة النفس وحسن نظامها وكمالها.
فالعدل مسألة فطرية وعقلية تصبو إليه النفس، بل وتبحث عن تحقيقه.
ويمكن بيان ما يأتي من آثار كلامها: 
١- ضرورة التفات النفس إلى الدعوات القرآنية الداعية إلى الاعتناء بالعدل، وعلى (العبد) الامتثال إلى (المولى) في ذلك، وأداء (حق الطاعة)؛ لتعيش هذه النفس آثار الإيمان بالله تعالى، وعظمة طاعته وعبادته، حيث قال تعالى في إحدى دعواته العظيمة للبشرية: ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)) [النحل: ٩٠]، فهل هناك نظام يحقق الإنصاف للبشرية من غير أنْ يقوم على العدل!!
أو يحقق التفضُّل والمحبة بين قلوب الناس من غير أنْ يقوم على الإحسان، فضلًا عن الأهداف الأخرى للآية المباركة، فالعدل الذي تأمر به الشريعة المقدسة هو لأجل تنظيم نسق هذه القلوب على الإنصاف بين الجميع.

٢- إنَّ تمسُّك (العبد) بالعدل وتنظيم ما يتعلَّق بعلاقته مع (المولى) إنما هو بناء للنفس الإنسانية والإيمانية على ضرورة من ضرورات حاجاته البديهية في أداء شكر المنعم عليها، وما في ذلك من كمال النفس ونزاهتها وطهارتها من الأنانية، فالعدا هو أحد الفضائل الأربعة التي أكد عليها كفؤ الزهراء أمير المؤمنين (عليهما السلام) بقوله: (الفضائل أربعة أجناس .... والرابع العدل وقوامه في اعتدال قوى النفس)، وهذا الاعتدال هو الفضيلة بين رذيلتين في علم الأخلاق، وهو أساس التنسيق والتنظيم.

٣-إنَّ هذه الحكمة الفاطمية في بيان أهداف العدل عامة،
 إنما هي دعوة إلى مراجعة هذه النفس، وعدم الاغترار بشهواتها ولذاتها التي تؤدي بها إلى ظلمتها، وابتعادها عن الفطرة الإلهية حيث محبة الآخرين، وتقديم ما يحتاجون إليه، وأنْ يكون المؤمن معطاءً ومصدرًا للخير وإدخال السرور على الآخرين، بعدله وإحسانه وعطائه، وعدم الجور والظلم بالابتعاد عن فضيلة العدل.

٤- التأكيد على أنَّ العدل الاجتماعي وتنظيمه للعلاقات بين الناس عامة، أو العدل الحاكمي للحاكم وتنظيمه للعلاقات مع الرعية، وتحقيق العدالة لهم جميعًا وحفظ حقوقهم، وعدم التعدي عليها فيه من الآثار النفسية العظيمة التي تؤدي إلى الإحساس بكمال النظام، وآثارها في العدل، الذي يعدُّ من ضرورات الإيمان التي لا بُدَّ للمؤمن مراعاتها في تصرفاته مع الآخرين، وخصوصًا الراعي تجاه رعيته.

٥- إنَّ رسالة العدل الفاطمية هي رسالة اطمئنان للإنسان وأمان من جهة، ورسالة موعظة وتذكرة له من جهة ثانية، ورسالة تحذير له من الظلم من جهة ثالثة، ورسالة للأمة التي تبحث عن كمالها وسعادتها من جهة رابعة، ورسالة للراعي (المسؤول والحاكم) على أنْ يكون أسوة وقدوة في تنظيم قلوب رعيته على مكارم الأخلاق من خلال  العدل بينهم بتكريم المحسن وتشجيعه، ومحاسبة المسيء ومعاقبته؛ حتى يحقق جزءًا كبيرًا من أهداف هذا النظام المتكامل في إحدى أهم فقرات نظامه وهو (العدل).
 أخيرًا . 
إنَّ على المؤمن أنْ يكون على بينة تامة من هذه الدعوة الفاطمية المباركة، أو هذه الثورة الفاطمية العظيمة على النفس بضرورة الرجوع إلى الله، والإنصات إلى تعاليمه، وبذل الجهد في طاعته لأجل الوصول إلى كماله وسعادته وأنْ يكون من أهل قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)) [العنكبوت: ٦٩]..
 فيا أيها المسؤولون في البيت والمجتمع اعدلوا وكونوا من أسباب تحقيق السعادة وإدخال السرور على قلوب الآخرين، وما أعظمها من غايات، ويتعلم الآخرون منكم منهج الفضيلة والكرامة  .. والسلام 

خادم الثقلين
ذكرى شهادة سيدة النساء

نعم
هل اعجبك المقال