روى أحدهم عن أحدهم أن مسؤولا أمنيا رفيع المستوى في فترة حكومية ما، سُئل عن سر تمسك الجهات الأمنية والعسكرية بفرض حلق لحى منتسبيها، فانتفض المسؤول (وجاب السبع من ذيله) وأجاب بكل ثقة: "إذا لم نفعل ذلك فكيف نميز بين المنتسب والإرهابي".. انتهى الجواب وأُفحِم المعترض وأُغلق الملف بهدوء إذ لم يجد رأيا عاما تحتضنه (المانشيتات) العريضة في صحف أحزابنا الاسلامية (الحاكمة)!! يخبر جناب المسؤول الرفيع أن الأرهاب العالمي بلا لحى!!
ولم يجد الملف رأيا عاما يخبر المسؤول بأن الكثير من قوات الجيش والأمن في دول العالم الاسلامي ما تزال ملتحية تحترم عقيدتها، بل وحتى بعض الدول التي لا تدين بالاسلام تمنح الحرية لرجال أمنها وجيوشها في ذلك دون أن تتذرع بذريعة (المسؤول الرفيع) صاحب النظرية التي ليس لها نظير..
لم يجد هذا الملف رأيا عاما يحتج بحرية الشخص في تطبيق ما يعتقد به مع ارتباط قضية حلق اللحية بمحذور شرعي وتكليف بالمنع تترتب عليه الحرمة بل والفسق.
لم يجد هذا الملف رأيا عاما تتلاقفه قنوات أحزابنا (الإسلامية) الحاكمة فتستضيف في استوديوهاتها الفخمة أصحاب الرأي فتنظر ماذا يقولون.. لعل أحدهم سيتطرق لحرية الأيزيدي في إطلاق لحيته وإن كان جنديا أو شرطيا!! حتى كأن تلك الديانة هي ديانة الأغلبية في العراق لا الاسلام الذي أشرق على الأرض بوجه أطهر اللحى..
سوى هذا المسؤول الرفيع يتذرع (بالنظافة) فغير الملتحي يكون نظيفا أكثر!!! وهو عذر نستكثر الرد عليه إذ لا طائل من إقناع كائنات تعشق الاسترسال في كثير من عادات وتقاليد عسكرية وضعت قبل عشرات السنين فصارت من المسلمات وإن عارضت تعاليم الدين الحنيف وأدخلت المتشرعة من رجالها في حرج شديد أوصلهم الى حد الاضطرار لركوبها.
نحن عاصرنا بعض الحلاقين الذين كانوا يمتنعون عن حلق لحى زبائنهم تجنبا لشبهة هذه الأموال فكيف بمن سعى برجله إلى المخالفة مضطرا؟
نحن نؤمن بحريتنا في زمن (الحرية) ونؤمن بمعتقداتنا وهويتنا بل ونتمسك بها ما دام الأمر متعلق بتكليف شرعي يسمو على أي تكليف آخر.. أما الذرائع والحجج الواهية التي يصر عليها البعض من المسؤولين في هذه الجهات فهي لا تنفعنا بشيء ولا تقنعنا بشيء، إنها مجرد آراء نجمت عن تقليد أعمى للانظمة البائدة، أو كانت ناجمة عن فكر تخللته خزعبلات ولوثات اخلاقية غربية آمن المعتنق لها بمقولاتها وإن أركسته لأم رأسه في تحمل أوزار أجيال من أبناء هذا الوطن.
إن الجيوش لن تهزم بسبب لحاها، والأمن لن يتضرر بسبب لحية على وجه شرطي، الهزيمة والضرر ستكون لها عوامل أخرى كالفساد الاداري والمحسوبيات وغيرها..
تذكروا جيدا - قبل الختام- أن معارك التحرير التي انتصر فيها رجال الفتوى كانت تتزين باللحى المباركة لابطالها.. لم يحلقوا لحاهم لأن العدو كان ملتحيا فأبطلوا بذلك حجة ذلك المسؤول (العبقري).. انتصرت الفتوى بالعمائم واللحى وبكل ماله رمزية دينية حقيقية صادقة.
هي دعوة لاصحاب القرار أن يعيدوا النظر في الأوزار التي على ظهورهم.. نحن لا نأمل في اصغائهم الى ذلك ولا نرجو، إنما نطالب بحقنا كشعب حر لا يرضى بهذه الاجراءات التعسفية.. فقد ولت الى غير رجعة تلك الصيغ الاستجدائية البالية التي لا تتلائم وكرامتنا، فقد قضت بعض وزاراتنا ما يكفي من الزمن وهي تحت موس الحلاق.




تقييم المقال

