البحث المتقدم

البحث المتقدم

العفو العام.. أكثر القوانين الجدلية (جدالًا) وخطورة.

5 تقييم المقال

في نهاية لا ينبغي لها إلا أن تكون، مرّ قانون العفو العام مع توأميه غير المتطابقين، قانون الأحوال الشخصية وعقارات كركوك، فبعد محطات معقّدة من رحلة مقايضة قوانين الطوائف دامت لنصف عام، مرّت القوانين الثلاثة بتصويت واحد ليشعل جدلًا سياسيًا وقانونيًا حول مدى دستوريته.

وعلى الرغم من أنّ القوانين الثلاثة جدلية بالكامل ولها آثار متعدّدة قد تظهر فيما بعد، إلّا أنّ الجدال الأكبر دار حول قانون العفو العام، وما إذا كان سيفتح باب الفرج للإرهابيين والفاسدين، وبينما كان القانون قد ظهر للمرة الأولى في البرنامج الحكومي بهدف إعادة تعريف الإرهابي لغرض شمول من لا ينطبق عليه التعريف بالعفو، وتمدّدت التعديلات لتشمل فقرة تخصّ مختلسي وسراق المال العام.

لم تخرج القوى السنّية بتعديل القانون الذي يعود لعام 2016 كما كانت تريد وكما جاء في البرنامج الحكومي، فتعريف الإرهابي أصبح أكثر تشدّدًا من النصّ السابق، لكن المكسب الوحيد كان بصيغة إعادة التحقيق والمحاكمة التي كانت موجودة أصلًا في القانون السابق، لكن بصيغة مختلفة.

تعريف الإرهابي أصبح أكثر تشديدًا، والتغيير بجعل إعادة التحقيق (إجبارية (

جاء تعديل قانون العفو فيما يخصّ إعادة التحقيق والمحاكمة، بأنه جعل إعادة التحقيق لمن يدعي أنّ الاعترافات انتُزعت منه بالقوة والتعذيب، أمرًا إجباريًا تلتزم به اللجنة القضائية المختصّة التي تستلم طلبات الشمول بالعفو وإعادة التحقيق، فيما كانت إعادة التحقيق والمحاكمة متروكة لتقديرات اللجنة القضائية، ولا يلزمها القانون بإعادة التحقيق وتلبية كل طلب يأتيها.

أمّا على صعيد الفقرة التي تخصّ اختلاس الأموال والفساد وسرقة المال العام، فكان قانون العفو بصيغته السابقة لعام 2016م، تشمل الفاسدين بالعفو، لكن بشرط أن يستعيد جميع الأموال التي سرقها قبل أن يتمّ إطلاق سراحه، إلا أنّ تعديلًا خطيرًا جرى على هذه الفقرة في تعديل قانون العفو المصوت عليها مؤخّرًا.

القانون السابق يتيح إخراج الفاسد شرط (دفع كل الأموال) للدولة، أمّا الجديد (يتيح التسوية)

جاء في نصّ التعديل الأخير أنّ المتهم بجرائم اختلاس وسرقة أموال الدولة وإهدار المال العام وجرائم الفساد المالي والإداري لا يشمل بالعفو العام ما لم يسدّد ما بذمته من أموال بأجراء تسوية مع الجهة المتضرّرة تضمن استرداد الأموال العامة على أن يسدد المبلغ كاملًا، ويتضح من النصّ أنّه يختلف عن النصّ السابق في قانون العفو لعام 2016 بأدراج مفردة (تسوية)، وهي مفردة مشبوهة أساسًا في القاموس العراقي نتيجة التجارب.

التعديل الجديد.. يمكن العفو عن الفاسد بتسوية مع الجهة المسروقة قبل تسديد الأموال، يظهر بوضوح أن النص الأصلي في قانون 2016م كان يمنع إطلاق سراح الفاسد وسارق المال العام إلّا إذا قام بتسديد الأموال كاملة ويبقى في الحبس طوال هذه المدّة لحين الانتهاء من تسديد الأموال، لكن في التعديل الجديد، فيمكن إطلاق سراح الفاسد ليقوم بتسوية مع الجهة المتضرّرة -والمقصود بها الوزارة أو المؤسسة التي قام بسرقة أموالها- ويقوم بتسديد الأموال لهذه الجهة وفق صيغة يُتّفق عليها بين الطرفين وهو خارج السجن.

هذه الصيغة يتّضح منها حجم الشبهة التي تحيطها، فكيف سيضمن القانون أو الجهة المتضرّرة من أنّ المتهم سيقوم بالتسديد بعد إطلاق سراحه؟ ومن يضمن عدم هروبه؟، ومن يضمن ألّا تقوم الجهة المتضرّرة أساسًا بالاتفاق مع المتهم على صيغة تضمن تقاسم الأموال بينهما خصوصًا وأنّ الأموال تعود للدولة وليس للجهة المتضررة غالبًا؟

إن الناظر إلى مثل هذه التعديلات والتي صوت عليها من قبل السياسيين تحتاج إلى إعادة نظر، عندها يمكن معرفة مدى التلاعب بالقوانين بما يخدم مصالح السياسيين لا مصلحة البلد.

نعم
هل اعجبك المقال