البحث المتقدم

البحث المتقدم

متى يكون نصرُ الله قريبا

0 تقييم المقال

كلما أردت أن أكتب عن بعض الأمور التي تخص المقاومة في لبنان والتي هي وفق القياسات الطبيعية للحروب تعتبر تارةً نوع انتحار وأخرى أحسبها أخطاء واختراقات كبيرة .. لكني أحجم عنها لنداء في داخلي أن قوانين هذه المواجهة تختلف ، وطريق نصرها غير تقليدي وأنّ ثمة إرادة إلهية معينة تتحكم بهذه المعادلة ..

وهذا النداء وهذا النوع من التفكير لم يأت عن فراغ ولا هو مجرد توقعات وإنما بحقيقته عبارة عن ثقافة بل عقيدة إسلامية وسنّة الهية طالما قرأناها في القرآن الكريم وطالعناها في التاريخ الإسلامي بل لا أبالغ إن قلت بأننا دائماً ما نعيشها ونعاصرها من غير التفات بعضنا لها ربما ..

فلم تكن جميع معارك المسلمين متكافئة ، ولا ثورات الكثير من الثائرين وفق الحسابات المنطقية توحي بالنصر .. ولكن النتيجة كانت لصالح الإسلام ولصالح ثوار القضايا الحقة .. قال تعالى ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ، وقال تعالى ( كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) البقرة ٢٤٩

عناصر معادلة النصر الالهي تختلف عن عناصر النصر المعروفة لدينا رغم مطلوبية بعضها ولكنها - هذا البعض - لا تؤمّن النتيجة ولا تحسم المواجهة .. فالإيمان من عناصر معركة النصر الالهي والتوكل والعزم والثبات والصبر والمرابطة وبذل المال والنفس وتوقع تدّخل يد الغيب في أي لحظة ، ومنها عدم النزاع والقتال بصف واحد كالبنيان المرصوص .. الخ

ولكن ثمّة عنصر له خصوصية بتحقيق نصر الله وتقريب موعده .. وهو عندما تنقطع عن أنفسنا كل الأسباب الطبيعية ، ونشعر بفشل أو عدم جدوى حساباتنا المادية بحيث تنتهي لدينا حلول الأرض - كما يقال - ولم يبق الا مدد السماء وتدخلها .. قال تعالى ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ) ..

ولعل من معاني ( نصر الله قريب ) هو حتمية حصول النصر وأنه النتيجة المباشرة التي لا تقبل التأجيل عند حصول استحقاقه ومقدّمته .. ومن مصاديق هذا المعنى ايضاً هو ما حصل للمسلمين في معركة حنين ، فإنهم كانوا وفق حساب الحروب تتوفر لديهم مقوّمات النصر ، ولكن لم تشفع لهم تلك المقوّمات وبدأت معالم النصر لصالح العدو ، ولكنهم لما شعروا بفشل ما لديهم من عديد وعدّة وبحسب التعبير القرآني ( ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ) أتاهم النصر الالهي ، قال تعالى ( لَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٖ وَيَوۡمَ حُنَيۡنٍ إِذۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ فَلَمۡ تُغۡنِ عَنكُمۡ شَيۡـٔٗا وَضَاقَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ ثُمَّ وَلَّيۡتُم مُّدۡبِرِينَ ، ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ ) التوبة ٢٥ ، ٢٦ ..

نصر الله مجاهدينا فإنهم في أحوج أوقاتهم لنصره وتأييده ، فهو نِعمَ الناصر ونِعمَ المُعين .

نعم
هل اعجبك المقال