الشهيد حيّ بصريح القرآن الكريم [ وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ ] البقرة ١٥٤ .
ومن وجوه المعاني القابلة للإنطباق على معنى الحياة هنا هو أن قضية الشهيد التي قضى نحبه من أجلها باقية لحين تحقيق أهدافها وأغراضها ، وأن الذين قتلوا في سبيلها - الشهداء - لازالوا يدافعون عنها وفق ظروف وحيثيات عالمهم الذي انتقلوا اليه ، ذلك العالَم الذي تتجاوز امكانياته وقدراته امكانيات وقدرات عالم الدنيا بما لا يقاس ..
فإن خسرت تلك القضية قائداً أو جندياً مدافعاً عنها هنا فإنها ربحت قائداً وجندياً أعظم وأكبر لها هناك .. نعم ، قد نُدرك بعض آثار ذلك ، ونتحسس بعض انعكاسات هذه الوظيفة الجديدة للشهيد اتجاه قضيته ، من قبيل أنه سيكون ضميراً في الأمة يوقض سباتها ، وسيصبح عزيمةً في ابناءها يحرّك كسلها ، وسنراه إرادةً تكسر كل حواجز الشك والتراجع .. شهداء الأمّة يعني ثأرها الذي يشعل في جوفها نار الانتقام من اعدائها وقتلة خير ابناءها ، ولهذا يقول رسول الله ص وآله [ إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا ] . أما ما لا ندركه من عمل الشهيد لقضيته فهو أعظم وأكبر ..
فالأمة التي لا تقدم الشهداء هي أمة باردة ، قضاياها مجرد إرشيف على رفوف الذل والهوان .
الشهادة في الإسلام لا تعني انتهاء دور المجاهد وتقديم آخر ما لديه من أرصدة قتالية ، وإنما هي ارتقاء في أسلوب المواجهة وزيادة رتبة القتال درجة .
قال تعالى [ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡـٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ] النور ٥٥