البحث المتقدم

البحث المتقدم

ويسألونك عن النهضة الحسينية -٨-

0 تقييم المقال

 

لقد قف سيد الشهداء الإمام الحسين "عليه السلام" يوم عاشوراء بعد أنْ تجمعت تلك العصابة الكبيرة للوحوش البشرية الموالية لبني أمية، فصار  يخاطب جيش "عمر بن سعد" فقال لهم: ((تبًّا لكم أُيَّتها الجماعَةُ وترَحًا، أَحٍينَ اسْتَصْرَختمونا والهينَ فأصرخنَاكُمْ موجِفينَ، سَلَلْتُم علينا سيفًا لنا في أَيْمَانِكُم، وَحَشَشْتُمْ علينا نارًا اقْتَدَحْنَاها على عَدُوِّنا وعَدُوِّكم، فأصبحتُمْ إِلَبًا على أوليائِكُمْ بغيرِ عدلٍ أفشوه فيكم، ولا أملٍ أصبحَ لكم فيهم، فهلَّا لكم الويلات ....)). 

لقد كانت هذه الكلمات منه "عليه السلام" تجاه أولئك الوحوش بعد أنْ عرف عزمهم التام على قتاله وقتله، وفيها أمور متعددة منها:
١-أراد أنْ يبيِّن لهم سوء وعاقبة ما يقومون به من غدر وخيانة لهم من عهود ومراسلات كانت قد صدرت عنهم؛ لذلك قام يدعو عليهم بالويل والهلاك، وهذه هي عاقبة الخائنين لمقدساتهم.
٢-أكد أنَّ غدرهم عندما كانوا "وَلِهِين" مذهولين في دعوته لأجل نصرته ضد بني أمية، وكانت الاستجابة منه "عليه السلام" سريعة تلبية لهم وإنقاذًا للأمة من هلاكها، ولكنهم كانوا أهل غدر وختل، ولم يستحقوا في الواقع مثل تلك التلبية.
  ٣-إنَّ الإمام "عليه السلام" أراد أنْ يؤكد لهم ولأمثالهم الذين يسيرون بهذا المنهج الغادر أنْ نتيجتهم الحتمية هي الخذلان والخسران، وهذا لا يليق بالمؤمنين الذين يجب أنْ يكونوا صادقين في عهودهم ومواثيقهم مع الله تعالى في نصرة الحق وأهله، والدفاع عنه ما أمكنهم ذلك، وعدم التهاون فيه.
٤-لقد أثبتت الأيام القليلة التي أعقبت فاجعة عاشوراء أنَّ الذين نصروا "ابن زياد" وسيِّدَه وأعوانه من أجل الدنيا ولذاتها الزائفة، فارتكبوا جريمتهم الكبرى بقتل سيد شباب أهل الجنة وأتباعه، ما حذرهم منه آنذاك، فكانت ثورة التوابين والمختار، والانتقام منهم، واللعن الأبدي بما اكتسبت أيديهم من شنار فعلتهم.
٥-إنَّ هذه الكلمات تؤكِّد عظمة منهج المدرسة الحسينية القائمة على طاعة الله تعالى، وعدم التعدِّي على الحرمات، والالتزام بالعهد مع خلفائه في أرضه الذين أوجب طاعتهم، في الدفاع عن المقدسات مثالًا رائعًا للسائرين على هذا النهج، وهو ثابت بثبات أهله.
  لقد كانت هاتان الصورتين وهما: 
الأولى: لأنصار الإمام الحسين "عليه السلام" حيث زيارتهم في كل حين فاللسان والقلب يردد:  (بأبي أنتم وأمي .. يا ليتنا كُنَّا معكم) على مدى الدهر .. 
والأخرى: لأعدائه حيث تلك اللعنات عليهم أبد الدهر: (ولعن الله أمَّة أسرجت وألجمت وتنقَّبت لقتالك) ..
      فهذه صفحة من صفحات النهضة الحسينية المباركة الخالدة التي تحتاج إلى تأمُّل تامٍّ فيها.

نعم
هل اعجبك المقال