ومثلما هوجمت (جماعة العلماء) من الشيوعيين، فإن نشاطها اقترن أيضاً بتحرك البعثيين ضدها، الذين لم يكن في مصلحتهم بروز تيار إسلامي واع تقف وراءه نخبة من العلماء والمثقفين، لأنه سيحرمهم من استغلال الشعب في المستقبل، ولهذا حاولا إثارة الناس ضد مجلة الأضواء من خلال اتهامها بأنها لا تعبر عن رأي (جماعة العلماء)، وانما عن رأي تنظيم سياسي ديني سري يستغل اسم (الجماعة)، وكانت تهمة السياسة من أشنع التهم التي يقذف بها رجال الحوزة العلمية آنذاك.
وعلى الرغم من أن رد السيد محسن الحكيم كان حازماً في تفنيد تلك المزاعم وإبطالها، وتزكية العاملين في الجماعة، لكنه رفض في الوقت نفسه انتماء الحوزيين إلى أي حزب، مهما كان توجهه؛ لأن رجال الدين بحسب رأيه يجب أن يقفوا مع الوطن حصراً، مرشدين موجهين، ويكونوا فوق الحزبيات والاصطفافات السياسية الضيقة، ولا يشغلوا أنفسهم بتكوين ما يسمى بــ (الدولة الإسلامية).
فأمر المرجع الديني الحكيم السيد (محمد باقر الصدر وولديه محمد مهدي ومحمد باقر الحكيم) بالخروج من تنظيم (حزب الدعوة)، وقد التزموا بذلك في 15 أيلول 1960م، وتخلى الشهيد الصدر عن كتابة المقالات الافتتاحية لـ (الأضواء) مكتفياً بالإشراف عليها ورعايتها وتوجيه القائمين عليه.
ومن الجدير بالذكر أن علماء المرجعية في كربلاء المقدسة قد أسهموا بدور فاعل في مجال محاربة المد الشيوعي، فقد شهدت المدينة إصدار المنشورات الإسلامية التي توزع على نطاق واسع في أنحاء العراق، وكان من بينها سلسلة (منابع الثقافة الإسلامية) التي بدأت بالصدور منذ عام 1961م، وشكلت جزءاً منهماً من الجهد الفكري للإسلامين، إذ تنازلت موضوعات حياتية واجتماعية واقتصادية وتاريخية متنوعة، كتبها عدد من الكتاب اللامعين، في محاولة لتقديم صورة مشرقة حقيقية للإسلام. واستطاع أحد علماء كربلاء وهو السيد حسن بن مهدي الشيرازي، بعد لقاءات كثيرة مع المسؤولين في سطلة قاسم، وبعد ضغوط جماهيرية كبيرة، من اقناعهم بإلقاء كلمات توعوية والتحدث مع الناس بشكل مباشر من إذاعة بغداد بانتظام بين عامي 1960 – 1961، وقد جمع تلك الكلمات والخطابات في كتاب أسماه (التوجيه الديني). وقد عمل معه خطباء ورجال دين من كربلاء المقدسة دون مقابل، مما كان له الأثر الفعال في استقطاب الكثير من القوى الشابة ضد الشيوعية.
انتهى
المصدر موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 3 ص 216