البحث المتقدم

البحث المتقدم

٢٠ ذو الحجة ١٤٤٦

فشل انقلاب الموصل وعدم رضا المرجعية عن العمليات الانتقامية التي مارستها الدولة

 

أدت سياسية الانفتاح الحكومي تجاه القوى السياسية العراقية إلى نتائج عكسية، فقد انتشرت الفوضى وتزايد النفوذ الشيوعي ونشاط واجهاته على حساب القوى القومية والإسلامية في العراق، مما أدى إلى انفجار الأوضاع، واندلاع انتفاضة الضابط القومي العقيد عبد الوهاب الشواف (1916 – 1959) للإطاحة بحكم عبد الكريم انطلاقاً من الموصل في الثامن من آذار 1959.

لكن فشل الشواف في قيادة المحاولة الانقلابية أفضى إلى ازدياد النفوذ الشيوعي. ويمكن القول إن المدة المحصورة بين أواسط شهر آذار وحتى نهاية شهر تموز 1959 تمثل أعلى مرحلة بلغها النفوذ الشيوعي في العراق طوال العهد القاسمي. فقد جرى الهجوم على القوميين، وتدمير الكثير من مؤسساتهم، والتنكيل بهم، وقتلهم وسحلهم في الشوارع.

وتعرض الإسلاميون أيضاً لحملة شديدة من الشيوعيين الموالين لقاسم، فقتل وجرح عدد كبير منهم وتم ملاحقة الآخرين. وأصبحت وسائل الإعلام العراقية خاضعة للشيوعيين من الناحية الفعلية بعد نجاحهم في الهيمنة على الشارع العراقي، وعلى الاتحادات والنقابات وغيرها من التنظيمات الشعبية، فضلاً عن تزايد أعدادهم. وتنامت قوتهم حتى صاروا قادرين على تحدي الحكومة العراقية نفسها.

ومع تمكن الحكومة من قمع انقلاب الموصل، عبرت المرجعية الدينية عن عدم رضاها عن العمليات الانتقامية التي مورست بحق القائمين به، والتي طالت المعارضين للسلطة، سواء المشاركين أو غيرهم، بل رفض الإسلاميون السياسيون المقربون من المرجعية تعريض حياة أهالي الموصل الأبرياء للأذى بحجة مشاركتهم في الحركة المسلحة، وكان كل من يناهض ممارسات النظام يتهم بكونه "بعثياً" أو "قومياً" يعمل على تخريب منجزات الثورة، ويتعرض للاعتقال والسجن. مما تسبب في توتر موقف المرجع الديني الأعلى السيد محسن الحكيم بصورة أكثر مع الحكومة، فلم يعلن موقفه، أو يرسل تهنئة بمناسبة عيد الفطر المبارك.

وحينما رفعت عائلتا الضابطين القوميين (العميد الركن ناظم الطبقجلي والعقيد رفعت الحاج سري) الظالعين في الانقلاب، طلب استرحام إلى المرجعية للتوسط في تخفيف حكم الإعدام عنهما، تدخل السيد محسن الحكيم، والشيخ عبد الكريم الجزائري وأرسلا رسالتين على انفراد إلى رئيس مجلس السيادة الفريق محمد نجيب الربيعي، وقام الأخير بتبليغ الزعيم عبد الكريم قاسم بهما، لكن الرد كان إعدام الضابطين ورقاهما صباح 20 أيلول 1959 في ساحة أم الطبول ببغداد، مما زاد في شقة الخلاف بين المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم والسلطة.

وفي الزيارة التي قام بها عبد الكريم قاسم إلى النجف الأشرف رفض المرجع الأعلى استقباله، وبقي الحال حتى انقلاب 8 شباط 1963. مما يشير إلى عدم اطمئنان المرجعية للسلطة وشعورها بالمرارة والإحباط من عبد الكريم قاسم نفسه الذي كان يتم النظر إليه بوصفه راعي الحركة الشيوعية.

 

المصدر موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 3 ص 206

مواضيع ذات صلة