في ظل الانتصارات: التأكيد على وحدة الصف ونبذ الفرقة لإنهاء الإرهاب
وعلى الرغم من التعبئة الإعلامية الرسمية والشعبية للقانون، فقد وقفت المرجعية الدينية موقفاً معارضاً له، وأبدت استنكارها الشديد، متهمةً إياه بأنه يأتي ضمن إملاءات خارجية، هدفها إضعاف روح الإسلام في نفوس العراقيين، وإيقاعهم في نزاع عقائدي، ومن ثم سلب إرادتهم حتى يصبحوا تحت التيار أو الفكر المراد فرضه عليهم بسهولة.
ووجها جماعة من علماء المرجعية يتقدمهم الشيخ محمد رضا المظفر، برقية إلى رئيس الوزراء، ضمنتها انتقاداً شديد اللهجة لقانون الأحوال الشخصية، مع المطالبة بتعديله، وإظهار عيوبه ومخالفته الصريحة للشرع والدين، والتحذير من سوء العاقبة من استمرار مثل هكذا قوانين.
ومما جاء في هذه البرقية: "لقد اطلعنا على قانون الأحوال الشخصية فوجدناه يصطدم في كثير من مواده بالقانون الإسلامي المقدس وبنصوص القرآن العظيم... فكان الجدير بقانون الأحوال الشخصية أن يكون صدى لصوت القرآن، ونسخة مطابقة لأصل قانون الإسلام لا يحيد عنه فالمأمول من سيادتكم إصدار الأمر بتعديله على وجه يطابق القانون الإسلامي".
ومن حوزة كربلاء المقدسة قاد الأخوان الشيرازيان (السيد محمد والسيد حسن) ابن السيد مهدي الشيرازي، احتجاجات شديدة ضد السلطة بخصوص قانون الأحوال الشخصية، وأعمال الشيوعيين المشينة واعتداءاتهم على بعض الناس الأبرياء وانتهاكاتهم لحرمة رجال الدين، وشكلا وفداً للتنسيق مع المرجعية الدينية العامة في النجف الأشرف للاجتماع بها والتباحث حول الوقوف بوجه التيار الشيوعي وضرورة تصدي الحوزة العلمية وعلمائها ومفكريها ومناصريها لتلك الهجمة الشرسة.
تصاعدت موجة الاستنكار ضد صدور القانون من خلال البرقيات التي رفعها رجال الحوزة العلمية إلى الحكومة من مختلف أنحاء العراق، مطالبين بإلغائه، فقامت الحكومة باعتقال عدد منهم ونفتهم إلى مناطق بعيدة، مثل شمال العراق والمنطقة الغربية، فرد المرجع الديني الأعلى السيد محسن الحكيم بأن وجه محبيه أن يعلقوا احتجاجه الرسمي ورسالته إلى عبد الكريم قاسم بخصوص القانون على أبواب الصحن الحيدري الشريف ليتجمهر الناس حوله ويقرؤونه، ويدركوا أن مرجعيتهم لا تداهن أحداً، وستقف بقوة ضد كل من يخالف تعاليم الدين الإسلامي.
وأدى موقف المرجعية الدينية المعلن والغاضب من القانون والمعارض له إلى نمو المعارضة السياسية لعبد الكريم قاسم من قبل الأحزاب السياسية القومية الموجودة على الساحة العراقية، التي بدأت تخشى تصاعد شعبية (الزعيم) وقوته، والتأييد الواسع الذي يتمتع به من قبل معظم الفئات الاجتماعية ممن غمرتها مشاعر الولاء لحكومة الثورة.