استهدفت السلطات الحكومية، ومن خلال إجراءاتها المختلفة، وضع العراقيل في طريق المرجعية الدينية، وإعاقة عملها الفكري والسياسي، وتدمير الخط المستقل الذي انتهجته منذ بداية نشأتها في ظل الاتجاهات السياسية المتضاربة في العراق، لا سيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار العوامل الأساسية التي جعلت من هذه المؤسسة تتمتع باستقلال تام عن الحكومة في إدارة شؤونها، يأتي في مقدمتها: الموارد المالية التي تتلقاها المرجعية على شكل حقوق شرعية ووقفية، الأمر الذي دفع السلطات الحكومية إلى المحاولة مراراً الهيمنة على هذه الموارد، التي تثير حسدها وتحرك شكوكها، وأرادت السيطرة عليها عن طريق إلحاقها بمؤسسات الدولة، لا سيما المحاولة التي قام بها صالح جبر، وزير المالية في عام 1943 لربط الحوزة العلمية بمديرية الأوقاف العراقية، فقوبلت هذه الخطوة بالرفض الشديد من قبل السيد أبو الحسن الأصفهاني.
ومن أجل الحد من نفوذ الحوزة العلمية مارست السلطات الحكومية ضغطاً آخر عليها، عن طريق منع خطباء المساجد من القيام بمهام الوعظ والإرشاد والدعوة للإصلاح الديني والتوجيه الفكري، إلا بالشكل الذي لا يعارض توجهات الدولة، في حين أكدت مديرية الأوقاف العامة على تشخيص هؤلاء الخطباء، والتأكد من ولائهم للحكومة.
ومن جهة أخرى انعكست ظروف الحرب العالمية الثانية على الأوضاع الاقتصادية في العراق، الأمر الذي دفع الكثير من أبناء المرجعية الرؤوفة إلى مساعدة الفقراء من خلال جمع التبرعات لذوي الدخول المحدودة، وتألفت لجان محلية لإعانة الفقراء، حصلت على الدعم والتأييد من المراجع الكرام الذين أجازوا صرف الحقوق الشرعية من زكاةٍ وخمس وغيرها من المستحقين والمحتاجين من دون الرجوع إليهم.
يتبع..
المصدر موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 3 ص 186