موقف المرجعية الدينية العليا من التطورات السياسية في العراق حتى عام 1955 (2)
وحينما أحست الجماهير أن في النية تكبيل العراق بقيود والتزامات أثقل من سابقتها، خرجت تهتف بسقوطها إلى الشوارع، مستنفرة قواها كافة، للوقوف ضد المعاهدة المذكورة، لا سيما في بغداد والمدن الرئيسة، وعمّت المظاهرات والإضرابات مناطق مختلفة من العراق، قابلتها السلطات الأمنية بقدرٍ كبير من القمع والتنكيل، وقدّم بعض أعضاء المجلس النيابي استقالاتهم احتجاجاً على ذلك، وهتفت جموع المتظاهرين بسقوط حكومة صالح جبر ومحاسبة مُبرمي المعاهدة، مطالبين بإلغائها وإلغاء معاهدة 1930 التي قبلها، وشهدت النجف الأشرف وكربلاء المقدسة مظاهرات صاخبة لم تشهد لها مثيلاً من قبل.
وقفت المرجعية الدينية في النجف الاشرف وقفةً جريئة حازمة ضد معاهدة (بورتسموث)، وساندت الحركة الوطنية في وثبتها، وخرج علماؤها إلى الناس ببيانات احتجاج على الحكومة واستنكار لممارسات شرطتها القمعية والإرهابية ضد الجماهير.
ومن الجدير بالذكر أن الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء كان من أشد العلماء وطأة على الحكومة، وأدى دوراً بارزاً في إحداث الوثبة آنذاك ببياناته ونداءاته.
وكان موقفه مبدئياً متضامناً مع انتفاضة الشعب، فهاجم المعاهدة الجديدة وعدّها طوقاً جديداً يوضع فيه على رقبة العراق، وأن الذين قاموا بعقدها إنما خدموا المصالح البريطانية على حساب المصالح العراقية، وكان لموقف الشيخ عبد الكريم الجزائري أثره الكبير أيضاً على السلطة في بغداد، وموقفه الحاسم ضد الأعمال التي قامت بها السلطة ضد المتظاهرين.
يتبع..
المصدر موسوعة فتوى الدفاع الكفائي الجزء 3 ص 188