موقف المرجعية الدينية العليا من التطورات السياسية في العراق حتى عام 1955 (2)
في الأيام القليلة الماضية تمدد إرهابيو داعش الى مناطق أخرى من محافظة نينوى، وسيطروا على عدد من المدن التي معظم سكانها من المواطنين الايزيديين والمسيحيين والشبك، فقتلوا الكثير من الرجال، وسبوا العديد من النساء، وتسببوا في نزوح عشرات الآلاف من العوائل، وبعضهم لا يزالون محاصرين في الجبال يعانون من الجوع والعطش، وقضى العشرات من أطفالهم بسبب ذلك، في مشاهد مروعة تقرح القلوب، وتجري الدموع... كما قام الارهابيون بالإضافة الى ذلك بهدم العديد من المراكز الدينية لمختلق الأديان والطوائف، ودمروا ما نالته أيديهم من تراث المسلمين والمسيحين والايزيديين...
إننا في الوقت الذي ندين ونشجب فيه بأشد العبارات كل ما ارتكبته عصابة داعش من اعمال إرهابية من قتل وسبي وتهجير وترويع بحق المواطنين العراقيين، ولا سيما من الأقليات الدينية والقومية، فإننا نؤكد على ما سبق أن بيناه في خطب سابقة من ان هذه العصابة الإرهابية تستهدف جميع محافظات ومدن العراق، وجميع قومياته واديانه ومذاهبه، ولا يقف خطرها واجرامها عند طائفة او قومية معينة، فلا يتوهم البعض انه سيوكن بمنأى من اعتداءاتها وتجاوزاتها اذا لم تتعرض له اليوم، فإنها تريد ان تقضم الجميع ولكن على مراحل.
وقد ثبت بالفعل من خلال ما قامت به هذه العصابة في الأيام الماضية من التمدد الى مناطق قريبة من أربيل، فعلى جميع العراقيين ان يوحدوا صفوفهم، ويكثفوا جهودهم في مواجهة هذا الخطر الكبير الذي يهدد حاضرهم ومستقبلهم، ولتعلم كل الأطراف السياسية أن التنازع والتناحر والاختلاف بينها الذي لا أساس له في كثر من الأحيان إلا بعض المصالح الشخصية او الطائفية او القومية، وقد تسبب في إضعاف الجميع، وفسح المجال للإرهابيين لأن يطمعوا في العراق وشعبه.
ومن هنا، فقد آن الأوان لكي يتنبه الجميع الى ان من اهم الشروط المطلوبة لوقف تمدد هذه العصابة الى مناطق أخرى، ثم القضاء عليها وطردها من العراق، هو توحيد القوى السياسية لمواقفها والعمل وفق رؤية موحدة لإدارة البلد، تراعى فيها حقوق جميع المواطنين، وتحدد واجباتهم على قدم المساواة بلا اخلاف بين قومياتهم واديانهم ومذاهبهم... وليعلم البعض انه لا قيمة لأي مكسب يتوقع حصوله عليه من وراء الإصرار على مواقفه المثيرة للاختلاف والتنازع، بإزاء ما يتعرض له الشعب العراقي بأجمعه من خسائر فادحة مع تمدد هذه العصابة المجرمة.
هذا ما جاء في خطبة الجمعة التي القاها الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) في الصحن الحسيني الشريف في يوم 11 شوال 1435 هـ الموافق 8 / 8 / 2014م