إنَّ للصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء "عليها السلام" آثارًا معرفيةً مهمةً في خدمة المجتمع، وتعريفهم معالم الشريعة المقدسة وما يتعلق بها، وفي قراءة إجمالية لخطبتها "عليها السلام" وبيانها فلسفة بعض الأحكام الشرعية نرى ذلك جليًّا، ويمكن بيان موضوعات خمسة لإحدى مقاطع الخطبة، والتي تتضمن عشرين موضوعًا:
- الأول: أصول الدين.
لقد ذكرت "عليها السلام" ما يتعلق بأصول الدين الخمسة، وبيان فلسفتها وآثارها.
١- التوحيد.
قالت "عليها السلام": (فجعلَ اللهُ الإيمانَ تطهيرًا لكم من الشرك).
وقالت "عليها السلام": (وحرَّمَ اللهُ الشركَ إخلاصًا له بالربوبية).
فللإيمان أثر كبير في تنزيه العقيدة الحقَّة من دنس الشرك والكفر بالخالق المنعم الحقيقي، والذي تفتقر المخلوقات إليه، فالإيمان بالله تعالى يؤدي إلى نفي عبادة غيره بأنواع العبودية.
٢- العدل.
قالت "عليها السلام": (والعدلَ تنسيقًا للقلوب).
وفي ذلك رسالة منها في بيان جانب من جوانب هذه الخطبة عن الأصل الثاني للعقيدة تتعلق بإحدى غايات العدل الإلهي، وبيان أثر العدالة في تنسيق قلوب الناس عامة، والمؤمنين خاصة.
٣- النبوة.
قالت "عليها السلام": (وطاعتَنا نظامًا للملة).
إنَّ الإشارة إلى طاعتهم إنما تمثل الطاعة لله ورسوله، والامتثال لما أمر الله تعالى: ((وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ))، وهذه الطاعة تؤدي إلى نظام أمر المسلمين، والوصول إلى الرحمة الإلهية.
٤- الإمامة.
قالت "عليها السلام": (وإمامتَنا أمانًا من الفرقة).
وفي ذلك بيان وتأكيد لوصية النبي الأكرم للأمة في التمسك بالثقلين (القرآن والعترة)؛ حتى تأمن الضلال والانحراف في جميع جوانب الدين والدنيا إذ قال فيهما (ما إنْ تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدًا)، وفي قولها دعوة للرجوع إلى هذه الوصية العظيمة، وعدم الفرقة أشتاتًا.
٥- المعاد.
قالت عليها السلام: (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).
إنَّ استشهادها بهذه الآية المباركة إنما هي دعوة للتفكير بالموت، وما بعد الموت حيث يوم القيامة والمعاد، وعدم الغفلة عن هذه العقيدة، وما في ذلك من آثار كبيرة في الرجوع إلى الله عز وجل.
- الثاني: فروع الدين.
وقد ذكرت "عليها السلام" بعض الفروع وبيان الحكمة من تشريعها، وهي الآتي:
١- الصلاة.
(تنزيهًا لكم عن الكِبر).
فعلينا التأمل في علاقة الصلاة بتنزيه النفس عن الرذائل ومساوئها، ومنه مرض الكِبر والاستعلاء، والتأمل بالمعنى الحقيقي للعبودية (إِيَّاكَ نَعْبُدُ).
٢- الزكاة.
(تزكيةً للنفس، ونماءً في الرزق).
فعلينا التأمل في هذه العلاقة العظيمة الوثيقة بين أداء الحقوق الشرعية، وتطهير النفس عن حب الأموال، وإيثار طاعته تعالى في ذلك.
٣- الصيام.
(تثبيتًا للإخلاص).
إنَّ التأكيد على الإخلاص في الصيام، هو تدريب لهذه النفس على الإخلاص في العبودية لله تعالى، حيث تؤدي تلك الجوارح إمساكها عن المعاصي بكل إخلاص.
٤- الحج.
(تشييدًا للدين).
وهذه الغاية من أهم غايات حج بيت الله الحرام، حيث يجتمع المسلمون عن بيت ربهم الواحد، والطواف حول بيته، والصلاة تجاه بيته، فهي مواقف تؤكد تشييد الدين ومعالمه.
٥- الجهاد.
(عزًّا للإسلام).
إنَّ هذه الفريضة المباركة قد أظهرت عز الدين تجاه أعدائه، ووقوف جميع المجاهدين في رفع لواء الإسلام، والتضحية دونها، حيث النصر الإلهي لعباده المؤمنين، وتثبيت أقدامهم.
٦- الأمر بالمعروف.
(مصلحةً للعامة).
إنَّ هذه الفريضة من أهم الفرائض التي يجب أنْ يتمسك بها المؤمنون، حيث بناء المجتمع الصالح من خلال التعاون على نشر البر والمعروف.
-الثالث: *الأخلاق والتربية.
وقد ذكرت عليها السلام من تلك الموضوعات الإسلامية التربوية التي نحتاجها، وبيان آثارها المباركة، وهي الآتي:
١- الصبر.
(معونةً على استيجاب الأجر).
٢- بر الوالدين.
(وقايةً من السخط).
٣- صلة الأرحام.
(منسَأةً في العمر، ومنماةً للعدد).
- الرابع: *المعاملات وتنظيم الحقوق العامة.
ومما ذكرته عليها السلام في حفظ الحقوق العامة بين أبناء المجتمع، وبناءه بناءً صالحًا، ومن ذلك:
١- توفية المكائيل والموازين.
(تغييرًا للبخس).
٢- القصاص.
(حقنًا للدماء).
- الخامس: المحرمات وتنظيم الحقوق الخاصة.
ومن الموضوعات المهمة الأربعة التي تم بيانها في خطبتها بما فيه الابتعاد عن المحرمات وحفظ الحقوق، وعدم التعدي على الحرمات، وهي:
١- الوفاء بالنذر.
(تعريضًا للمغفرة).
٢- النهي ن شرب الخمر. (تنزيهًا عن الرجس).
٣- اجتناب القذف.
(حجابًا عن اللعنة).
٤- ترك السرقة.
(إيجابًا للعفة).
إنَّ جميع ما تم بيانه بإيجاز يؤكد مقام الزهراء "عليها السلام" العلمي، وتربيتها في بيت النبوة والإمامة، ورسالة صريحة للأمة كلها.
خادم الثقلين
الأحد ١٠ جمادى الأولى ١٤٤٧هج




تقييم المقال

