البحث المتقدم

البحث المتقدم

كتاب مسلم بن عقيل للسيد المقرم والقرآن الكريم

0 تقييم المقال

يقول السيد عبد الرزاق المقرم رحمه الله في كتابه الشّهيد مسلم بن عقيل عليه السلام: أن سيد الشهداء لم تسعه المصارحة بما وجب عليهم في الصحيفة الخاصة بالإمام الزكي، وكان فيها أن يسالم خاضعا للقضاء المحتوم، وقد أشار النبي إلى هذه المسألة بقوله: (إبناي هذان إمامان إن قاما وإن قعدا) وأكثر العقول لا تتحمل هذه الأسرار الدقيقة كما قال الإمام الصادق عليه السلام: (حديثنا صعب مستصعب لا يتحمله إلا نبي مرسل أو ملك مُقرَّب أو مؤمن امتحن الله قلبه بالايمان.) تلطف أبو عبدالله عليه السلام ببيان أقرب الى الأذهان وتتحمله العقول فقال: (إنا قد بايعنا وعاهدنا ولا سبيل إلى نقض بيعتنا). وهناك دقيقة أخرى كانت ملحوظة للإمام الشهيد أفرغها بهذه الكلمة الموجزة وهي أن الانسان اذا عاهد آخر لا يجوز له نقض عهده ولو كان مشركا ولذا وردت الأخبار وفقا للآية الكريمة: "وان أحد المشركين استجارك فأجره" (التوبة 6) فقال: (المسلمون يسعى بذمتهم أدناهم ولو كان عبدا أو إمرأة) وفسره الصادق عليه السلام بأن جيش المسلمين اذا حاصر المشركين فأشرف رجل منهم وقال اعطوني الأمان حتى ألقى صاحبكم فأعطاه أدناهم الأمان وجب على أفضلهم الوفاء به. وحينئذ يقول أبو عبدالله: ان هذه المسألة التي أعطيناها معاوية على ما فيها من ظلم وغشم بعد أن صدرت منا لا يصح نقضها، إذا فكيف بالبيعة الصادرة لامام الحق المنصوب من قبل الله سبحانه فانها أولى وأجدر بالإلزام وعدم النقض، وان لا تتباطأ الأمة عن القيام بها، وهذا من سيد الشهداء درس راقي وفقه شامل لو كانت هناك آذان صاغية، وقلوب واعية ونفوس زاكية.

جاء في کتاب الشّهيد مسلم بن عقيل عليه السلام للسيد عبد الرزاق المقرّم: واذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرفق من يرسله الى جهة من الجهات بكتاب يلم بتفاصيل الأحكام الدينية والمدنية فيقول في كتابه لعمرو بن حزم الأنصاري لما ولاه اليمن: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا بيان من الله ورسوله "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" (المائدة 1) عقد من محمد النبي رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يأمره بتقوى الله في أمره كله "ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون" (النحل 128) وآمره أن يأخذ بالحق كما أمر به الله وأن يبشر الناس بالخير ويأمرهم به، ويعلم الناس القرآن ويفقّههم في الدين، وينهى الناس فلا يمس أحد القرآن إلا وهو طاهر، ويخبر الناس بالذي لهم وبالذي عليهم، ويلين للناس بالحق ويشتد عليهم في الظلم، فإن الله عز وجل كره الظلم ونهى عنه وقال: "ألا لعنة الله على الظالمين" (هود 18) ويبشر الناس بالجنة وبعملها وينذر بالنار وبعملها، ويستألف الناس حتى يتفقهوا في الدين، ويعلم الناس معالم الحج وسنته وفريضته وما أمر الله به في الحج الأكبر والحج الأصغر وهو العمرة، وينهى الناس أن يصلي أحد في ثوب صغير إلا أن يكون ثوبا واحدا يثني طرفيه على عاتقيه، وينهى الناس أن يجتبي أحد في ثوب واحد يفضي بفرجه الى السماء، وينهى أن لا يقص أحد شعر رأسه اذا عفا في قفاه، وينهى اذا كان بين الناس هيج عن الدعاء الى القبائل والعشائر وليكن دعاؤهم الى الله وحده لا شريك له ومن لم يدع الى الله ودعا إلى القبائل والعشائر فليقطعوا بالسيف حتى يكون دعاؤهم الى الله وحده لا شريك له.

وعن التطير يقول السيد المقرم رحمه الله في كتابه: ولم يحك الله التطير إلا عن أعداء الرسل المالئين عن صراط الشريعة المنحرفين عن التعاليم المقدسة فانهم قالوا لرُسلهم: "إنا تطيرنا بكم لئن تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم * قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون" (يس 18-19) وفي الحكاية عن قوم صالح: "قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله" (النمل 47)، وفي الحكاية عن قوم فرعون: "فاذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا انما طائرهم عند الله" (الأعراف 131)، وفي الحكاية عن أعداء رسول الله: "وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله" (النساء 78). فالطائر سواء فسر بالبلاء المنزل عليهم أو العمل المسبب لنزول البلاء تكون نسبته الى الله تعالى باعتبار أنه المجازي لهم على أعمالهم القبيحة، ونسبته اليهم باعتبار تسبيبهم لنزول البلاء بالجحود والطغيان على المولى الحكيم جل شأنه وتكذيب الرسل بما جاوأ به من عند ربهم وأنذروا أممهم الذي هو سبب لتقدير قضاء الله وحلول بلائه ونقمته. سؤال الحسين عليه السلام عن اسم الأرض ولما أخبر بأنها كربلاء قال: (كرب وبلاء) لم يكن من التطير في شيء فإن المتطير لم يعلم ما يرد عليه وإنما يستكشف ذلك من تلك الأشياء المعروفة عند العرب إنها سبب لورود الشر، وسيد الشهداء كان على يقين مما ينزل به في أرض الطف من قضاء الله تعالى فهو عالم بالكرب الذي يحل به وبأهل بيته. كما أنه عليه السلام لم يكن جاهلا باسم الأرض، كيف والامام عندنا معاشر الإمامية عالم بما يجري في الكون من حوادث وملاحم، ويعرف ما أودع الله في الأشياء من أسرار ومزايا إقدارا من مبدع السموات والأرضين ـ جلت عظمته ـ فإنه سبحانه أودع في الأئمة الطاهرين قوة قدسية نورية بواسطتها كانوا يتمكنون من استكشاف الأشياء، ويقفون على أنساب الناس، وما تكنّه الصدور، وما يدّخرون، ويعرفون لغات الحيوانات، واذا جاز في سليمان عليه السلام أن يعرف منطق الطير كما قال تعالى: "علّمنا منطق الطير" (النمل 16) ففيمن تكوّن من نور النبي الذي هو أكمل الكائنات أولى وأجدر، وهذه القوة عبّر عنها في الآثار بعمود نور يرفع للإمام عليه السلام عند الولادة يرى به أعمال العباد وما كان ويكون.

نعم
هل اعجبك المقال