على الرغم من انني غير مختص بالاقتصاد إلا ان الاطلاع على ثقافات العالم وتجارب الدول المتقدمة في مختلف القطاعات والحديث عنها لا سُبّة ولا مثلبة، فبعد كل تحول سياسي في انظمة الحكم سواء كان ذلك عن طريق التداول السلمي للسلطة، او عن طريق الانقلابات العسكرية وخلع النظام القائم فيه، لابد من ان تشهد تلك الدولة من تغيّرات عدة في قطاعات مختلفة، وتبرز تداعيات تنعكس على الوضع الداخلي للمجتمعات، يتأثر بها الشارع، تقل آنذاك فرص العمل وتزداد البطالة وتخلق فجوة وحالة من الجمود والركود الاقتصادي تخيم على اغلب مفاصل الحياة العامة.
لابد من الإشارة الى ان بناء اقتصاد وطني رصين يعتمد على التحديث المستمر للسياسة المالية والنقدية العالمية للدولة، يأتي من بوابة تدعيم ترسانة حماية الاموال والمصارف العراقية على اعتبارها جزء لا يتجزأ من اعلاء هيبة ومكانة الدولة وإحدى واجهاتها امام العالم الخارجي وتَبّني مدى الحوكمة الذي يقلل من الفساد ويسهم بتعظيم ايرادات الدولة ويخفض الانفاق ويقلل العجز وهدر الوقت ويعزز ثقة المواطن بمؤسساته المالية والمصرفية.
ومن جانب اخر فأن الحنكة السياسية وقوة الادراك وسعة الافق قادرة على ثبات وتجسير وتدعيم مبدأ "حقوق السيادة " على الاموال وتحصين المصارف العراقية من اي عقوبات محتملة قد تطالها على الامد البعيد، والتي تعد ملكية حصرية بيد الدولة وغير قابلة للمساومة ولا التنازل، فالتفاوض والاجتماعات التي عُقدت في واشنطن والتي اعطت رؤية مستقبلية بخصوص إنهاء العمل بالمنصة الإلكترونية للتحويلات الخارجية واستبدالها بالعلاقات المصرفية المباشرة، وتوسيع شبكة المصارف الدولية المراسلة، بمشاركة ١٣ مصرفا عراقيا تعد خطوة جادة في عدم خلط الملفات السياسية مع الملفات الاقتصادية، وتعد بمثابة عملية فك ارتباط بين الازمات المتشابكة، في وقت من غير المنطقي ان تكون هنالك عقوبات جائرة على ١٤ بنك لا تمتلك من اجمالي الاصول المصرفية الا ١.٢٩ % مجتمعة، سيما ان هنالك عملية للكيل بمكيالين من قبل الخزانة والادارة الامريكية تتعارض مع فلسفة دعمهم للتنويع الاقتصادي.