كيف لا أقع في فخ التقديس الأعمى أو التسقيط في شخصية العلماء ؟
مدينة كربلاء العراقية شامخةً في قلب التاريخ الإسلاميّ، حاملةً إرثًا روحيًّا وثقافيًّا يمتد لقرون.
فهي ليست فقط ميدانًا للبطولة والتضحية كما تجسّدها واقعة الطف الأليمة؛ بل متسعا للتراث الإسلاميّ والعربيّ أيضًا؛ إذ تتلاقى العمارة والفنون والعادات الشعبية في مصبٍ واحد، فتكون غنيّة بالتنوّع والمعاني.
تعدّ كربلاء إرثًا دينيًّا خالدًا، ومن أقدس المدن لدى المسلمين، ولا سيما لأتباع المذهب الجعفريّ؛ فهي تحتضن مرقد الإمام الحسين بن علي وأخيه العباس (عليهما السلام)، فهذه المقامات ليست فقط مراكز دينية، بل منارات تراثية أيضًا، تزيّنها الزخارف الإسلامية، والمرايا المعشّقة، والمآذن والقباب التي يعود طرازها لقرون مختلفة، مما يعكس تطوّر الفنّ المعماريّ في العراق.
تمتاز كربلاء القديمة بأزقتها الضيقة وأسواقها التقليدية مثل: سوق الصفّارين، وسوق العبّاسية، ومنطقة باب الطاق، وباب السلالمة وغيرها من الأسواق الجميلة التي تعطي طابعَ حبِّ أهالي كربلاء للتراث القديم؛ إذ لا يزال بعض الحرفيّين يمارسون صناعاتهم التراثية من صياغة النحاس وغيرها، وتُعد هذه الأسواق شاهدًا حيًّا على أسلوب الحياة الكربلائيّة منذ مئات السنين.
تعدّ الطقوس والممارسات التي ترافق المناسبات الدينية، وأشهرها شعائر عاشوراء والزيارة الأربعينية من التراث الثقافيّ الكربلائيّ أيضًا؛ إذ تتحول المدينة إلى مسرحٍ حيٍّ للتعبير الإيمانيّ والإنسانيّ، في مشاهد تجمع بين الدين، والفنّ، والموروث الاجتماعيّ، فالناس في مثل هذه المناسبات وهذه الممارسات إنما تعبّر عن حبّها وحزنها عمّا جرى للحسين (عليه السلام) آل بيته وأصحابه في واقعة الطفّ.
وهذه الشعائر أو الممارسات أصبحت جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية والاجتماعية لمدينة كربلاء، لذا يبقى تراث كربلاء شاهدًا على عظمة حضارة متجذرّة، ومصدر إلهام للأجيال القادمة، بما يحمله من قيم النضال، والجمال، والهوية، لأنها مدينة لا تحتفظ فقط بتاريخها، بل تعيشه كلّ يوم.