البحث المتقدم

البحث المتقدم

براعة المحقق وإبداعه -الشيخ محمد حسن آل ياسين مثالًا-

0 تقييم المقال

 

إنَّ المحقق يجب أنْ تتوافر فيه صفات متعددة بعضها معرفية وأخرى نفسية وهي معلومة عند المحققين، ومن الصفات المعرفية مدى الإحاطة بالعلم الذي يُحسنه ويُتقنه، وأهم المؤلفات فيه، ومتابعة الطبعات الحديثة المحققة، ومعرفة منهج المحققين واختلافهم في التحقيق، وهذا ما رأيته في المحقق الكاظمي الكبير الشيخ محمد حسن آل ياسين "رحمه الله"، حيث تتبَّع تحقيقَيْن لديوان الشاعر "حسان بن ثابت" وخلوِّه من القصائد التي تتعلق بيوم الغدير خاصة والإمام علي "عليه السلام" عامة من خلال المصادر التاريخية والحديثية التي نقلت تلك الأشعار عنه، والتي وثَّقت عيد الغدير، ومنها أبياته المشهورة:

(يناديهم يوم الغدير نبيهم - بخم وأسمِع بالرسول مناديا)، حيث للأسف لم يتضمَّن ديوانه عند هذين المحققين اللذين جمعا أشعاره في ديوان مطبوع منشور!!
فيا ترى هل كان صدفة كانت منهما!! 
أم اتفاق القوم على دفن مثل هذه الأشعار المتضمِّنة هذه الفضائل!!
ثم ذكر الشيخ آل ياسين في بحثه المنشور عام ١٩٦٧م في مجلة (البلاغ) بعنوان (مستدرك ديوان حسان بن ثابت الأنصاري) أمَّات تلك المصادر التي وردت فيها تلك القصائد، وفيه ذلك دلالة على العمق العلمي للمحقق في تتبع الآثار والوقائع من جهة، والأمانة العلمية في جمع ما يُنسب لشخص من جهة ثانية، والرسالة الصريحة بأنَّ الحق لا يمكن إخفاؤه مهما كانت الأسباب سياسية أو قومية أو طائفية من جهة ثالثة، ورسالة تشجيع وتحذير للباحثين والمحققين في الوصول إلى الحقيقة من جهة رابعة، وضرورة الجهاد من أجل العقيدة والدفاع عنها من جهة خامسة.
    لقد اشتهرت أبيات حسان بن ثابت في الآفاق وعلى الألسن والأسماع، وإخفاء الجامع لقصائده في الديوان يؤدي إلى تشكيك الجيل بتراثهم العلمي ومصادره، وهو يؤدي بالنتيجة إلى الشك بأصل التراث!! وتقع علينا مسؤولية كبيرة في الدفاع عن ذلك وحفظه ونشره؛ ليطَّلع الجيل على حقيقة تلك الأيام العظيمة ومنها يوم الغدير، فجزى الله الشيخ آل ياسين على هذه الصولة الكاظمية في نشر الفضائل العلوية جزاء العلماء العاملين، فالعلم يحتاج إلى عامل مجاهد به، لا يحتاج إلى مستودَع لتخزينه؟!! ..

نعم
هل اعجبك المقال