خلق الله الانسان مدني الطبع لا تنتظم حياته الا بوجوده ضمن مجتمع يعيش فيه . وهذا المجتمع توجد فيه تفاوت في المزاج والتفكير والعمل والموقف. وطبيعة اختلاف الامزجة هو سبب في استدامة الحياة ,فكان العمل واختلاف الامزجة دافع للإنتاج والابداع .وتوجها الاسلام بقوله تعالى:( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) . فالتفاضل عند الله مقرون في طاعة الخالق .والحكمة تقتضي وجود حاكم عادل بينهم يرجعون اليه عند اختلافهم ,فارسل الانبياءة .ليعلمهم ما يجهلونه ويثبت النظام والسلم الاجتماعي . وبين الامام امير المؤمنين {ع} الفكر الاسلامي من خلال وصيته الى مالك الاشتر [رض]:«النّاسُ صِنْفانِ إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْنِ، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْقِ».
فاقتضت الحكمة الإلهية لمصلحة العباد :فوجود النبي ووجود الامام المعصوم الذي رتبه الله لاقامة عدله هو منتهى الحكمة واللطف.لما في ذلك حاجة الناس إلى العدل: قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) وبين للناس ضرورة طاعة الرسول والائمة اولي الامر: قال رسول الله (ص) : شركائي الذين قرنهم الله بنفسه وبي وأنزل فيهم :( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول )فاقترن نور الله بنور محمد{ص}
ما هو الدليل الشرعي في قولنا لهم اثناء زيارتهم : ورد في دعاء الندبة العبارة التالية: «أين وجه الله الذي منه يؤتى». وورد أيضا في دعاء الندبة العبارة التالية: «أين وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء». وورد في بداية دعاء كميل العبارة التالية: «وأسألك بنور وجهك الذي أضاء له كل شيء».ورد في الحديث الشريف: «أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر». وهناك العديد من الأحاديث التي تشير بنحو أو بآخر بأنهم صلوات الله عليهم هم وجه الله، ولكن ما هو التخريج الفلسفي لهذه العبارات؟ وما الربط بين المعنى الظاهري والمعنى الباطني .توطئة للموضوع : لا يمكن معرفة حقيقة الله تعالى :[ لاٰ تُدْرِكُهُ الْأَبْصٰارُ وهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصٰارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ]وَ قَوْلَهُ لِمُوسَى(عَ):[ لَنْ تَرٰانِي وَ لٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكٰانَهُ فَسَوْفَ تَرٰانِي] وقول النبي {ص} لعلي {ع} يا علي لا يعرف الله الا انا وانت.. اذن معرفة الله ورؤيته مسالة مفروغ منها. اما كلمة «وجه» قد وردت في القرآن الكريم، في أكثر من مورد، وأريد بها تارة الإشارة إلى مقام العزة الإلهية كقوله تعالى: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾المراد أن الله هو الباقي.. وكل من على وجه الأرض فانٍ.
اذن مقام الجلالة لا يمكن أن تُدْرَك حقيقته، أو أن توصف ذاته. كما أن ما يعرفه الإنسان من كل شيء، إنما هو الوجه الذي يظهر له منه، فكان لا بد من معرفة الله بما يظهر لنا منه ويواجهنا به، وهو هذه الآثار والتجليات لصفات ربوبيته لنا تبارك وتعالى، على شكل خلق، ورزق، وشفاء، وهداية، ورعاية، وما إلى ذلك..فنحن نعرفه سبحانه من خلال ما نتلمسه من هذه الآثار لصفات ربوبيته في واقع حياتنا.. وفي كل ما يحيط بنا..لا شك في أن إرسال الأنبياء والأوصياء لهداية الناس،هو من تجليات تلك الصفات، التي نصل إلى الله تعالى من خلالها .هم الوجه الذي نراهبيننا والذي نعرف الله من خلالهم ، ونَتَلمَّس فضله علينا من اثارهم وهم تجليات وآثار صفات الربوبية، أي أننا نتحدث عن أثر الصفة، ونريد به نفس تلك الصفة التي يتصفون بها للوصول الى الله. اشبه شيء النور الكاشف الدال إلى أسماء صفات الربوبية، والألوهية، وهم وجه الله تعالى، فأهل البيت{ع}هم وجه الله الدال على صفات ألوهيته وربوبيته.. والتي لا ندرك نحن منها إلا ظواهرها وأسماءها،.. فإذا أردنا أن نتوجه إليه، وأن نصل إليه، فإننا نأتي إليهم لنجد مظاهر قدرته، وأثر حكمته، و تجليات هدايته، ودلائل نعمته، وخلقه، ورزقه، ورحمته.وهو الذي دل الناس عليهم بطاعته. فكانوا هم السبيل والنور والسراط المستقيم الى الله بأمر الله : فإذا عرفنا: أن المراد بالوجه هو ما يعرف الله تعالى به، وهو صفاته تعالى، وأن المراد بنور الوجه هو تجليات تلك الصفات في آثارها، أعني النبي[ص]وأهل بيته الطاهرين .وبذلك نعرف المراد: بـ «نور وجهه الذي أضاء له كل شيء». .ويتضح لنا أنهم: «وجه الله الذي منه يؤتى».وهم باب الله ونور الله..
وقد قرنهم الله بكتابه الكريم وقد اشار رسول الله{ص} انهم عدل كلام الله وهم، أحد الثقلينقال رسول الله(ص): «إنّي مخلفٌ فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كهاتين ـ وضم بين سبابتيه ـ، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري وقال: يارسول الله، ومن عترتك؟ قال: علي والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة».
روى أبو بصير قال: سألت الصادق(ع) عن قول الله عزّوجل:{أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} . فقال: «نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين(ع)، فقلت له: إنّ الناس يقولون: فما له لم يسمّ عليّاً وأهل بيته(ع) في كتاب الله عزّ وجلّ؟ فقال: قولوا لهم: إنّ رسول الله(ص) نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً حتى كان رسول الله(ص) هو الذي فسّر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسمّ لهم من كلّ أربعين درهماً حتى كان رسول الله(ص) هو الذي فسر لهم، ونزل الحجّ فلم يقل لهم طوفوا سبعا حتى فسّر لهم رسول الله ذلك لهم، ونزلت {أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} هذه نزلت نزلت في علي والحسن والحسين» فمن خلالهم نلج الى رضا الله فهم ابواب الله. وقرن الله طاعته ورضاه وقبول اعمال العباد وقرن معه محمدا.. {ص} والائمة بعد النبي لان الارض لا تخلوا من حجة وامام. وهو قوله{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}، وأولوا الأمر هم الأئمة من أهل البيت(ع). ورواية أخرى عن ابن أبي يعفور: دخلت على أبي عبد الله(ع) وعنده نفرٌ من أصحابه في حديث طويل يرويه إلى أن قال: فقال لي: «يا ابن أبي يعفور، إن الله عزّوجل هو الآمر بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر الذين هم أوصياء رسوله. يا ابن أبي يعفور، فنحن حجج الله في عباده، وشهداؤه على خلقه، وأمناؤه في أرضه، وخزانه على علمه، والدّاعون إلى سبيله، والعاملون بذلك، فمن أطاعنا أطاع الله، ومن عصانا فقد عصى الله» .
وقرن الله علي بن ابي طالب{ع} بذاته المقدسة في قوله تعالى:{ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} يقول الزمخشري وغيره من علماء جمهور المسلمين .. من عنده علم الكتاب هو ابو الحسن هلي بن ابي طالب{ع}.والاية واضحة ان الله يشهد على صحة رسالة محمد والشاهد الثاني هو امير المؤمنين[ع].
واية اخرى ضم الله عليا الى ذاته ومعهم جبرائيل والملائكة .[ إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ].
فالقول الاساس طاعة الله { ما خلقت الجن والانس الا ليعبدون.}. وشرع رب العزة الطاعة لوجهه الكريم عن طريق طاعة محمد واهل بيته{ع} فاكتمل نصاب الطاعة بقولنا { يا الله يا محمد يا علي} وهذا بامر الله تعالى .