البحث المتقدم

البحث المتقدم

عَالَم ضعيف تَحْت قِيادة تَافِه

0 تقييم المقال

يمرَ عالمنا البشريُ بأضعفِ حالاته، وبأكبر محنةٍ إنسانية يمرُ بها، نتيجةُ انهيارِ المبادئِ والأخلاقِ التي نادى بها كتابُ السياسةِ والقانونِ والاقتصادِ والفلاسفة في أوائلِ القرنِ التاسعِ عشرَ بعد نهايةِ الحربِ العالميةِ الأولى، وما تبعها بعدَ الحربِ العالميةِ الثانية، ثم، تأسيسُ الأممِ المتحدةِ.
    بدأَ العالم، يواجه، سلطةُ قائدٍ تافه، لا يعرفُ منْ السياسةِ والقانون، إلا ملأَ خزائنهُ منْ الدراهمِ بالحلالِ أوْ الحرامِ بالتهديدِ أوْ الاستثمار. . ليقودَ العالم، بمقاييس، شاذةً لمْ يسبقها أحدٌ بها، تخالفَ العدالةُ البشرية، تقاس كلُ المعاييرِ فيها، بالمال: فيوقفُ التعليم، ليوفر المال، ويقطعَ المساعداتِ دعمَ المنظماتِ الإنسانيةِ ليخزن الدولارُ. لمُ تبنٍ أو تنشأ أممٍ سابقة على هذا المنطقِ المتطرف: (أعطني المالَ لأحميكمْ) ، أوْ ( ادفعوا المال لأبعدَ عنكمْ الخطرُ ) . إنه حكمٌ أحاديٌ فيهِ مذلةٌ وإهانةٌ للحكامِ والشعوب. لقد سقطتْ عنْ جبين القائدِ التافه، مفاهيم الإنسانية، في إصدارهِ الدعواتِ العنصرية في ترحيلِ ضيوف البشر منْ اللاجئين، أوْ قطعِ المساعداتِ عنْ الشعوب الفقيرة، بدواعي محاربةِ الإرهاب. فقدْ تلبسُ أفكارا، بلا معنى، وممكنٌ تسميتها، بــــــ (علمُ فقدانِ الأخلاقِ ) . إن بعض قادةُ الدولٍ التي كانت تنادي بالديمقراطيةِ وحقوقِ الإنسانِ منذُ مئاتِ السنين، تظهرَ حاليا، وجهها الحقيقي، في التجردِ منْ الرحمةِ والإنسانية؛ فتصبح السياساتُ إمعانا في موتِ الشعوبِ عبرَ قطعِ الغذاءِ والدواء، وتشييدَ الأسوار على حدودها، بدواعي وقفِ الهجرةِ غيرِ الشرعية.
   ينتشرَ الألمُ والقهر منْ الأطفالِ والنساءِ في كلِ بقاعِ الأرض، وتختزلَ المواقفُ في رؤية، أنَ لا مسؤوليةً ماليةً تجاهَ الآخرين، بلْ بيعُ أدواتِ الخرابِ التي تجعلُ الناس، يتقاتلونَ فيما بينهمْ ، يعيشُ الإنسانُ في العالمِ الجديد، الممتلئَ بالعلمِ والتكنولوجيا، لكنهُ في الوقتِ نفسه، يفتقدَ الحكمةَ والقيادةَ الرشيدة، فكثيرُ منْ قادةِ اليوم، لا يحملونَ منْ صفاتِ القيادةِ ، إلا العناوين، تنقصهمْ القوةُ الأخلاقية، والرؤيةُ الواضحة، والنتيجةُ أنَ الشعوب، رغمَ قوتها وإمكاناتها، تجدَ نفسها ضعيفةً أمامَ قراراتٍ قاسية، تصدرَ منْ عقولٍ تافهة، لا ترى أبعدَ منْ مصالحها الشخصيةِ الضيقةِ، لتفرضَ أفكارها المتطرفةَ على شعوبِ العالم. 
   لمْ يعدْ العالمُ ضعيفا في المواردِ المختلفة، ولا في الطاقاتِ البشرية، بلْ هوَ ضعيفٌ في توجيهِ هذهِ الطاقاتِ نحوَ الخيرِ والبناء. عندما يقودُ التافهونَ شعوب العالم، يصبح صوتُ العقلِ مهمشا، ويعلو صوتُ المصالحِ الضيقة، فينهارُ النظامُ وتكثرُ الفوضى، وتستغلَ الشعوبَ باسمِ الشعاراتِ الفارغة.
  يثبتَ التاريخُ أنَ الشعوبَ القوية، لا تنهضُ إلا، إذا وجدتْ قيادةً صادقة، حكيمة، تعرفَ قيمةَ الإنسانِ، وتدركُ معنى المسؤولية. أما في غيابها، فإنَ أمةً كاملةً يمكنُ أنْ تتهاوى، مهما امتلكتْ منْ علمٍ وقوة، ولهذا فإنَ العالمَ بحاجةٍ اليومَ أكثرَ منْ أيِ وقتٍ مضى إلى قادةٍ حقيقيين، لا إلى أناسٍ تافهينَ يقودونهمْ نحوَ الهاوية، يزينونَ الكلام، ويشوهونَ الأفعال. فالعالمُ القويُ يبدأُ منْ قيادةٍ قوية، والعالمُ الضعيفُ يولدُ منْ قيادةٍ ضعيفة.

نعم
هل اعجبك المقال