ترتبط الكلمة في الأصل بصوت اللسان ،كقول المتنبي: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي// وأسمعت كلماتي من به صمم/ عندما نقيم حفلاً نقول: الآن الكلمة لفلان، دليل أنه حاضر أما إذا كان غائباً نقول يلقيها بالنيابة عنه فلان. كل الألسن أصوات تتألف منها الكلمات الكلام يخرج من الفم وفيه تكمن الفصاحة. لذا قال موسى عن أخيه هارون {هو أفصح مني لسانا} (القصص 34). وعندما أرسل الله موسى إلى فرعون نصحه بقوله: {فقولا له قولاً ليناً} (طه 44). فالقول هو الكلام الذي له دلالات في الذهن، ومن يتكلم ممكن ان تجر عليه الكلمة بلاء, وهناك “بلاغة في القول” و”فصاحة في اللسان”. البلاغة في قوله تعالى{وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً}(النساء 63) وهنا نفهم قول النبي{ص}(أعطيت جوامع الكلم،) ويصف الله وضاعة الكذب والحديث فيه فيقول تعالى {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا}(الكهف 5)هذه الكلمة الكاذبة حين تخرج من الأفواه لها مدلول الكفر لذا قال: {إن يقولون الا كذبا} ولم يقل: يتكلمون.
والألسن تؤدي وظيفتين هما أداة اتصال وأداة للتفكير. ففي أداة الاتصال سماع الكلمة التي تدل على المدلول. الوظيفة الثانية لفلسان انه يبين أداة التفكير يظهر ما في قلبك وعقلك على لسانك .. من هنا نفهم أن التفكير لا يتم إلا ضمن إطار اللسان؟
لسان الفتى حتف الفتى حين يجهلُ ــــوكلُّ امرئٍ ما بين فكَّيه مقتلُ ـــــ
إذا ما لسان المرءِ أكثر هذره ــــــ فذاك لسان بالبلاء موكَّلُ ـــــــــــ
وكم فاتحٍ أبواب شرٍّ لنفسه ــــــ إذا لم يكن قفلٌ على فيه مُقفَلُ ــــــــ
كذا من رمى يومًا شرارات لفظه ــــــ تلقَّته نيران الجوابات تشعلُ ــــــ
ـــــــــــ اللِّسان والإيمان :لا شكّ في أنّ الإيمان الحقيقيّ موطنه في القلب، واللِّسان ترجمان القلب، فما يظهر على اللِّسان غالباً هو تجلٍّ لما يُضمره القلب.
قد قال الشّاعر:: إنّ الكـلام لـفـي الـفـؤاد وإنـّمـا***جـعـل اللِّسان على الـفـؤاد دليلا
هناك علاقة بين اللِّسان والقلب، فاللِّسان من أشدِّ الجوارح تأثيراً في القلب وصحته ومرضه، ولذا يعتبر استقامة اللِّسان دليل إلى استقامة القلب، واستقامة الإيمان :عن الرسول {ص}: "لا يستقيم إيمان عبد حتّى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه، فمن استطاع منكم أن يلقى الله،ـ وهو نقيّ مرتاح من دماء المسلمين وأموالهم، واعراضهم ان يكون سليم اللِّسان فليفعل"
آفات اللِّسان: اللِّسان، وتعتريه كثير من الآفات الواجب اجتنابها والحذر منها، ومن هذه الآفات: الخوض في الباطل: يقول تعالى عن أهل النَّار﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ﴾ ومعناه الدُّخول في أيّ حديث وأيّ كلام، بلا علم ولا تدبر ولا وعي. ورد عن النّبيّ{ص}"أعظم الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضاً في الباطل".
2- المراء والمجادلة: المراء هو الجدال حقيقة الإيمان متوقّف على ترك الجدال والمماراة، كما ورد في حديث الرسول{ض}: "لا يستكمل العبد حقيقة الإيمان حتّى يدع المراء، وإن كان محقّاً" .3- الفحش والسّبّ واللّعن: عن الرّسول{ص}: "ليس المؤمن بالطَّعَّان، ولا اللّعان، ولا الفاحش، ولا البذيء". وعنه {ص}"إنّ من شرار عباد الله، من تكره مجالسته، لفحشه".
4- السُّخرية والاستهزاء: نهى عنها ديننا، كما قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ﴾. ومن امراض اللسان والقلب :إفشاء السّرّ: لان السّرّ من أعظم الأمانات وإفشاؤه خيانة، والله لا يحبّ الخائنين. ورد أنّ رسول الله{ص} قال لأبي ذرّ (رض): "يـا أبـا ذرّ، المَجـالِس الأمـانَةِ، وإفشَـاءِ سرّ أَخِيكَ خِيـانَة" . واخيرا من افات اللسان التي تسقط الهيبة الكذب: قال أمير المؤمنين{ع}"أعظم الخطايا اللِّسان الكذوب". واخيرا الغيبة: عن الصادق{ع}قال: "من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه، وهدم مروءته، ليسقط عن أعين النّاس، أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشَّيطان فلا يقبله الشَّيطان".