"إنما الدنيا حلم، والآخرة يقظة , ونحن في أضغاث أحلام، من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر ،ومن نظر فى العواقب نجا، ومن أطاع هواه ضل، ،ومن فهم علم، ومن علم عمل. إذا جهلت فاسأل، وإذا غضبت فأمسك. المصدر الف حكمة لامير المؤمنين [ع] وفي حديث للشيخ ميرزا جواد التبريزي عن النفس الإنسانيّة يبين قول الامام علي[ع] في خلقة الانسان في قصيدة منها :
دواؤك فيك وما تشعر وداؤك منك فلا تبصر//أتزعم أنك جرم صغير//وفيك انطوى العالم الأكبر//وأنت الكتاب المبين الذي //بأحرفه يظهر المضمر ــــــــــــ
قال الأمام بهذا البيت : إنّ هذا الإنسان موجودٌ مركّب من جميع عوالم الإمكان نموذج ومثال وجميع الصفات والأسماء الإلهية آثارًها موجودة فيه، وهو كتاب خطّه أحسن الخالقين بيده؛ والإنسان مختصر اللوح المحفوظ، وهو أكبر حجّة لله، وهو حامل الأمانة التي لم تقدر السماوات والأرض على حملها.
[العقل في أكمل أوجهه وأتم صوره هو الدين والإيمان بالله تعالى والعمل بأوامره وتجنّب ما نهى عنه ..هذا ما يؤكده القرآن الكريم كما تؤكده الأحاديث الشريفة وروايات المعصومين (ع)وهو أشرف خلق الله، بالعقل عُبِد الرحمن واكتسب الجنان يقول الإمام الصادق{ع}العقل مقرون بالإيمان بالله، والعمل الصالح والخير والصفات الحميدة، وبدون هذه الصفات لا يمكن للإنسان أن يسمى عاقلاً بالمعنى الحقيقي حتى وإن كان عاقلاً في أمور الدنيا كالتجارة والصناعة والادب وغيرها، أما إذا استخدم العقل في مآرب منحرفة وغايات منحطة وسخّره للشهوات فهو: (النكراء والشيطنة وهي شبيهة بالعقل وليست من العقل) سئل الإمام الصادق(ع) عن الذي كان عليه معاوية بن ابي سفيان . فقال:(من كان عاقلاً كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنة). أما إذا احتوى الشر والطمع والاستغلال فإنه يخرج من إطار العقل: (فيعمل عمل القلب ويتجه بغير اتجاهه).[ الكافي للشيخ الكليني ج ١ ص ١١] .
الدين الإسلامي يخاطب العقل، فهذا لا جدال فيه، ومن يخوض فيه فهو جاهل بحقائق الإسلام. الله خلق الإنسان ومعه آلة التفكير، وأمرنا أن نتدبر في آياته وفي الأفاق والأنفس، ونفكر في آثار صنعه. قال تعالى:( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) وذم الله كل من لم يستخدم عقله في التعلم وأن يفكر في هذه المخلوقات ومعرفة خالقها بكل حرية عقلية. إن الإنسان عرف الله وآمن به ربا واحدا لا شريك له السميع البصير القادر العالم الغني الحي الذي لا يموت بالعقل أجازه الله من خلال عقله، واِن جحد بعقله عاقبه الله لجحود عقله.
كتب محمد جواد مغنية في كتابه (الإسلام والعقل)، قال(جاء في الحديث الشريف عن الرسول الأعظم (ص)( أصل ديني العقل). ودين محمد يقوم على دعائم ثلاثة: الاِيمان بالله، والنبوة، واليوم الأخر، وتتفرع الإمامة عن النبوة، لأنها رياسة عامة في أمور الدين والدنيا بداية من النبي{ص}الى الامام المنتظر اخر الزمان).
فكل ما حكم به العقل حكم به الشرع. فالعقل ' رسول' في الباطن، والشرع ' عقل في الظاهر. فإذا أدرك العقل أن العدل حسن والظلم قبيح، حكم الشرع بأن العدل محبوب عند الله، والظلم مكروه له. فالشرع عقل من الخارج والعقل شرع من الداخل. وهما متحدان. وسلب الله تعالى اسم 'العقل' عن الكافرين كقوله:( صم بكم عمي فهم لا يعقلون).وقال في صفة العقل الباطن:( فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم). فسمى العقل دينا. لكونهما متحدين، قال تعالى